كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 105 """"""
وأجمع على المسير علي إلى الشام ، فشغله عن ذلك أمر الخوارج وقتالهم على ما نذكره .
ذكر قتال الخوارج
قيل : كان سبب ذلك أن الخوارج من البصرة لما دنوا من النهروان رأوا رجلاً يسوق بامرأةٍ على حمار ، فدعوه وانتهروه فأفزعوه ، وقالوا له : من أنت ؟ قال : أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . فقالوا له : أفزعناك قال : نعم قالوا لا روع عليك ، حدثنا عن أبيك حديثاً سمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تنفعنا به ، فقال : حدثني أبي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : تكون فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه ، يمسي فيها مؤمناً ويصبح كافراً ، ويصبح مؤمناً ويمسي كافراً ، قالوا : لهذا الحديث سألناك ، فما تقول في أبي بكر وعمر ؟ فأثنى عليهما خيراً . فقالوا : ما تقول في عثمان في أول خلافته وفي آخرها ؟ قال : إنه كان محقاً في أولها وآخرها ، قالوا : فما تقول في علي قبل التحكيم وبعده ؟ قال : أقول إنه أعلم بالله منكم ، وأشد توقياً على دينه ، وأنفذ بصيرة . قالوا : إنك تتبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها ، والله لنقتلنك قتلة ما قتلناها أحداً ، فأخذوه وكتفوه ، ثم أقبلوا بامرأته وهي حبلى متم حتى نزلوا تحت نخل مواقر ، فسقطت رطبة ، فأخذها أحدهم فتركها في فيه ، فقال له آخر : أخذتها بغير حلها وبغير ثمن . فألقاها ثم مر بهم خنزير لأهل الذمة ، فضربه أحدهم بسيفه ، فقالوا له : هذا فساد في الأرض . فلقي صاحب الخنزير فأرضاه . فلما رأى عبد الله بن خباب ذلك منهم قال : " إن كنتم صادقين فيما أرى فما علي منكم من بأس ، إني مسلم ما أحدثت في الإسلام حدثاً ، ولقد أمنتموني ، فقلتم : لا روع عليك " فأضجعوه فذبحوه ، وأقبلوا إلى المرأة فقالت : أنا امرأة ، ألا تتقون الله . فبقروا بطنها وقتلوا ثلاث نسوة من طيء ، وقتلوا أم سنان الصيداوية .
فلما بلغ علياً رضي الله عنه ذلك بعث إليهم الحارث بن مرة العبدي ليأتيهم ، وينظر ما بلغه عنهم ، ويكتب به إليه ، فلما دنا منهم يسألهم قتلوه . وأتى الخبر إلى علي ، فقال له الناس : " يا أمير المؤمنين علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في عيالنا وأموالنا سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا منهم سر بنا إلى عدونا من أهل الشام " . فأجمع

الصفحة 105