كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 106 """"""
علي رضي الله عنه على ذلك ، وخرج وسار إليهم . فأرسل إليهم أ ، ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم أقتلهم بهم ، ثم أنا تارككم وكاف عنكم حتى ألقى أهل المغرب ، فلعل الله يقبل بقلوبكم ، ويردكم إلى خير مما أنتم عليه من أمركم فقالوا : كلنا قتلهم ، وكلنا مستحلٌ لدمائكم ودمائهم . فراسلهم مرة بعد أخرى .
وخرج إليهم قيس بن سعد بن عبادة ، فكلمهم ونصحهم ، وأشار عليهم بالمراجعة والدخول فيما خرجوا منه ، فأبوا . وخطبهم أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه وحذرهم تعجيل الفتنة . وأتاهم علي رضي الله عنه فكلمهم ووعظهم وذكرهم ، فتنادوا : " لا تخاطبوهم ولا تكلموهم ، وتهيئوا للقاء الله ، الرواح الرواح إلى الجنة " .
فعاد علي عنهم .
ثم إن الخوارج قصدوا الجسر ، فقال أصحاب علي له : إنهم عبروا النهر ، فقال : لن يعبروه ، فأرسلوا طليعة ، فعاد . وأخبر أنهم عبروا النهر ، وكان بينهم وبينه عطفة من النهر ، فلخوف الطليعة منهم لم يقربهم فعاد ، فقال : قد عبروا النهر . فقال علي رضي الله عنه : " والله ما عبروه ، وإن مصارعهم لدون الجسر ، ووالله لا يقتل منكم عشرة ، ولا يسلم منهم عشرة " . وتقدم علي إليهم فرآهم عند الجسر لم يعبروه ، وكان الناس قد شكوا في قوله وارتاب به بعضهم ، فلما رأوهم لم يعبروا كبروا وأخبروا علياً رضي الله عنه بحالهم ، فقال والله ما كذبت ولا كذبت .
ثم عبأ أصحابه ، فجعل على ميمنته حجر بن عدي ، وعلى ميسرته شبث بن ربعي أو معقل بن قيس الرياحي ، وعلى الخيل أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، وعلى الرجالة أبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه ، وعلى أهل المدينة - وهم سبعمائة أو ثمانمائة . قيس ابن سعد ابن عبادة رضي الله عنه .

الصفحة 106