كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 107 """"""
وعبأت الخوارج فجعلوا على ميمنتهم زيد بن حصن الطائي ، وعلى الميسرة شريح بن أبي أوفى العبسي ، وعلى خيلهم حمزة بن سنان الأسدي ، وعلى رجالتهم حرقوص بن زهير السعدي . وأعطى علي رضي الله عنه أبا أيوب الأنصاري راية أمان ، فناداهم أبو أيوب فقال : " من جاء هذه الراية فهو آمن ممن لم يقتل ولم يتعرض ، ومن انصرف منكم إلى الكوفة أو إلى المدائن وخرج من هذه الجماعة فهو آمن ، لا حاجة لنا بعد أن نصيب قتلة إخواننا منكم في سفك دمائكم " . فقال فروة بن نوفل الأشجعي : " والله ما أدري على أي شيء نقاتل علياً ؟ : أرى أن أنصرف حتى تتضح لي بصيرتي في قتاله ، أو أتابعه " . فانصرف في خمسمائة فارس ، حتى نزل البندنيجين والدسكرة ، وخرجت طائفة أخرى متفرقين فنزلوا الكوفة .
وخرج إلى علي رضي الله عنه نحو مائة ، وكان الخوارج في أربعة آلاف ؛ فبقي مع عبد الله بن وهب ألف وثمانمائة ، فزحفوا إلى علي رضي الله عنه وكان قد قال لأصحابه : كفوا عنهم حتى يبدءوكم . فتنادوا . الرواح إلى الجنة . فحملوا على الناس فافترقت خيل علي فرقتين ، فرقة نحو الميمنة ، وفرقة نحو الميسرة ، فاستقبلت الرماة وجوههم بالنبل ، وعطفت عليهم الخيل من الميمنة والميسرة ، ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف فما لبثوا أن أناموهم ، فلما رأى حمزة بن سنان الهلاك نادى أصحابه أن انزلوا ، فذهبوا لينزلوا فلم يلبثوا حتى حمل عليهم الأسود بن قيس ، وجاءتهم الخيل من نحو علي فأهلكوا في ساعة ، فكأنما قيل لهم موتوا فماتوا .
قال : وأخذ علي ما في عسكرهم من شيء ، فأما السلاح والدواب وما شهر عليه فقسمه بين المسلمين ، وأما المتاع والعبيد والإماء فإنه رده على أهله حين قدم .
وطاف عدي بن حاتم في القتلى على ابنه طرفة ، فدفنه ودفن رجال قتلاهم ، فقال علي حين بلغه ذلك تقتلونهم ثم تدفنونهم ارتحلوا . فارتحل الناس ولم يقتل من أصحاب علي إلا سبعة ؛ منهم يزيد بن نوبرة وله صحبة وسابقة .