كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 108 """"""
وهؤلاء الخوارج هم الذين ورد في أمرهم في الصحيح الحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن قوماً يخرجون يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية علامتهم رجل مخدج اليد " فالتمسه علي في القتلى فوجده ، فنظر في عضده فإذا لحم مجتمع كثدي المرأة ، وحلمة عليها شعرات سود ، فإذا مدت امتدت حتى تحاذي يده الطولى ، ثم تترك فتعود إلى منكبه . وكان علي رضي الله عنه يحدث الناس بهذا الحديث قبل وقعة الخوارج .
وقيل كانت هذه الوقعة في سنة ثمان وثلاثين .
قال : ولما فرغ علي رضي الله عنه من هذه الوقعة حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله قد أحسن بكم ، وأعز نصركم ، فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم . قالوا : : " يا أمير المؤمنين ، نفدت سهامنا ، وكلت سيوفنا ، ونصلت أسنة رماحنا وعاد أكثرها قصدا ، فارجع إلى مصرنا ، فلنستعد بأحسن عدتنا ولعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا فإنه أقوى لنا على عدونا " . وكان الذي تولى كلامه الأشعث بن قيس ، فأقبل حتى نزل النخيلة ، فأمر الناس أن يلزموا عسكرهم ، ويوطنوا على الجهاد لعدوهم أنفسهم ، وأن يقلوا زيارة أبنائهم ونسائهم حتى يسيروا إلى عدوهم . فأقاموا فيه أياماً ثم تسللوا من معسكرهم ، فدخلوا رجالاً من وجوه الناس وترك العسكر خالياً . فلما رأى علي ذلك دخل الكوفة ، وانكسر عليه رأيه في المسير . وخطبهم مرة بعد أخرى ، وحثهم على الخروج إلى الشام فلم يتهيأ له ذلك ، وحيث ذكرنا أخبار الخوارج فلنذكر أخبار من خرج بعد أصحاب النهروان . والله الموفق للصواب .
ذكر أخبار من خرج بعد أصحاب النهروان
قال : ولما قتل أهل النهروان خرج أشرس بن عوف الشيباني على علي رضي الله عنه بالدسكرة في مائتين ، ثم سار إلى الأنبار فوجه إليه علي رضي الله عنه

الصفحة 108