كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 11 """"""
وتشاور الناس فيما بينهم ، وقالوا إن دخل طلحة والزبير فقد استقامت ، فبعث البصريون إلى الزبير حكيم بن جبلة ، ومعه نفر فجاؤوا به يحدوه بالسيف ، فبايع .
وبعثوا إلى طلحة الأشتر في نفر ، فأتاه فقال : دعني أنظر ما يصنع الناس .
فلم يدعه ، فجاء به يتله تلاً عنيفاً فبايع . . . فكان الزبير يقول : جاءني لصٌ من لصوص عبد القيس فبايعت والسيف على عنقي وأهل مصر فرحون لما اجتمع عليه أهل المدينة ، وقد خشع أهل الكوفة والبصرة أن صاروا تبعاً لأهل مصر ، وازدادوا بذلك على طلحة والزبير غيظاً . قال : ولما أصبحوا يوم البيعة - وهو يوم الجمعة - حضر الناس المسجد ، وجاء عليٌ رضي الله عنه ، فصعد المنبر وقال : " أيها الناس عن ملاءٍ وإذن إن هذا أمركم ، ليس لأحد فيه حقٌ إلا من أمرتم ، وقد افترقنا بالأمس على أمر ، وكنت كارهاً لأمركم ، فأبيتم إلا أن أكون عليكم ، ألا وإنه ليس لي دونكم إلا مفاتيح ما لكم معي وليس لي أن آخذ درهما دونكم ، فإن شئتم قعدت لكم ، وإلا فلا أحد على أحد . " فقالوا : نحن على ما فارقناك عليه بالأمس . فقال : اللهم اشهد .
قال : ولما جاءوا بطلحة ليبايع قال : إنما أبايع كرها . فبايع . .
ثم جيء بالزبير ، فقال مثل ذلك وبايع ، وفي الزبير اختلاف . .
ثم جيء بعده بقوم كانوا قد تخلفوا ، فقالوا : نبايع على إقامة كتاب الله في القريب والبعيد والعزيز والذليل .
فبايعهم . . . ثم قام العامة فبايعوا . . وتفرقوا إلى منازلهم .
ورجع على بيته ، فدخل عليه طلحة والزبير في عدد من الصحابة ، فقالوا : " يا عليٌ ، إنا قد اشترطنا إقامة الحدود ، وإن هؤلاء القوم قد اشتركوا في قتل هذا الرجل . " فقال " يا إخوتاه ، إني لست أجهل ما تعلمون ، ولكن كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم ؟ هاهم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم ، وثابت إليهم أعرابكم وهم خلالكم يسومونكم ما شاءوا ، فهل ترون موضعاً لقدرة على شيء مما تريدون ؟ " قالوا : لا .
قال : " فلا والله لا أرى إلا رأيا ترونه أبداً إلا أن يشاء الله ،

الصفحة 11