كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 111 """"""
فخرج زياد فأتى داره وجمع أصحابه من بكر وائل ، وأعلمهم الخبر فسار معه منهم مائة وثلاثون رجلاً . فقال : حسبي . ثم سار فأتى دير أبي موسى فنزله ينتظر أمر علي .
وأتى علياً كتاب من قرظة بن كعب الأنصاري يخبره أنهم توجهوا نحون نفر ، وأنهم قتلوا رجلاً من الدهاقين ، كان قد أسلم ، فأرسل عليٌ رضي الله عنه إلى زياد يأمره باتباعهم ويخبره خبرهم ، وأنهم قتلوا رجلاً مسلماً ، ويأمره بردهم إليه ، فإن أبو يناجزهم . وسير الكتاب مع عبد الله بن وأل ، فاستأذنه في المسير مع زياد ، فأذن له ، وسار بالكتاب إلى زياد . وساروا حتى أتوا نفر ، فقيل : إنهم ساروا نحو جرجرايا ، فتبعوا آثارهم حتى أدركوهم بالمذاد وهم نزول ، قد أقاموا يومهم وليلتهم واستراحوا ، فأتاهم زياد وقد تقطع أصحابه وتعبوا ، فلما رأوهم ركبوا خيولهم ، وقال لهم الخريت : أخبروني ما تريدون ؟ فقال له زياد - وكان مجربا رفيقا - : " قد ترى ما بنا من التعب ، والذي جئناك له لا يصلحه الكلام ، ولكن ننزل ثم نخلو جميعا ، فنتذاكر أمرنا ، فإن رأيت ما جئناك به حظا لنفسك قبلته ، وإن رأينا فيما نسمع منك أمرا نرجو فيه العافية لم نرده عليك " . قال : فانزل . فنزل زياد ومن معه على ماء هناك ، فأكلوا شيئاً وعلفوا دوابهم ، ووقف زياد في خمسة فوارس بين أصحابه وبين القوم وقال : إن عدتنا كعدتهم ، وأرى أمرنا يصير إلى القتال فلا تكونوا أعجز الفريقين . وخرج زياد إلى الخريت ، فسمعهم يقولون : جاءنا القوم وهم كالون يعبون فتركناهم حتى استراحوا ، هذا والله سوء الرأي . فدعاه زياد وقال : ما الذي نقمته على أمير المؤمنين وعلينا حتى فارقتنا ؟ " فقال : " لم أرض صاحبكم إماما ، ولا سيرتكم سيرة ، فرأيت أن أعتزل وأكون مع من يدعو إلى الشورى " . فقال له زياد : " وهل يجتمع الناس على رجل يداني صاحبك الذي فارقته علما بالله وسنته وكتابه . مع قرابته من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وسابقته في