كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 113 """"""
قال : وسار معقل بن قيس ، وقدم الأهواز ، وأقام ينتظر مدد البصرة ، فأبطئوا عليه ، فسار يطلب الخريت ، فلم يسر يوما حتى أدركه المدد مع خالد بن معدان الطائي ، فساروا جميعاً فلحقوهم بقرب جبل من جبال رامهرمز ، فصف معقل أصحابهن فجعل على ميمنته يزيد بن المغفل ، وعلى ميسرته منجاب بن راشد الضبي من أهل البصرة . وصف الخريت أصحابه ، فجعل من معه من العرب ميمنة ، ومن معه من أهل البلد والعلوج ميسرة ومعهم الأكراد ، فحرك معقل دابته مرتين ، ثم حمل في الثالثة فصبروا له ساعة ثم انهزموا ، فقتل أصحاب معقل منهم سبعين من بني ناجية ومن معهم من العرب ، وقتلوا نحواً من ثلاثمائة من العلوج والأكراد . وانهزم الخريت فلحق بأسياف البحر وبها جماعة كبيرة من قومه ، فما زال يسير فيهم ويدعوهم إلى خرف علي ، ويخبرهم أن الهدى في حربه ، حتى اتبعه منهم ناس كثير . وأقام معقل بأرض الأهواز ، وكتب إلى علي رضي الله عنه بالفتح فقرأ علي الكتاب على أصحابه واستشارهم ، فقالوا كلهم : نرى أن تأمر معقلا يتبع آثار الفاسق حتى يقتله أو ينفيه ، فإنا لا نأمن أن يفسد عليك الناس . فكتب إلى معقل يثني عليه وعلى من معه ، ويأمره باتباعه وقتله أو نفيه .
فسأل معقل عنه فأخبر بمكانه بالأسياف ، وأنه قد رد قومه عن طاعة علي وأفسد من عنده من عبد القيس وسائر العرب . وكان قومه قد منعوا الصدقة عام صفين وذلك العام ، فسار إليهم معقل وأخذ على فارس فانتهى إلى أسياف البحر ، فلما سمع الخريت بمسيره قال لمن معه من الخوارج : أنا على رأيكم وإن عليا لم ينبغ له أن يحكم . وقال للآخرين من أصحابه : إن علياً حكم ورضي فخلعه حكمه الذي ارتضاه . وقال سراً للعثمانية : أنا والله على رأيكم ، قد والله قتل عثمان مظلوما . فأرضى كل صنف منهم . وقال لمن منع الصدقة : شدوا أيديكم على صدقاتكم ، وصلوا بها أرحامكم ، وكان فيها نصارى كثير قد أسلموا ، فلما اختلف الناس قالوا : والله لديننا الذي خرجنا منه خير من دين هؤلاء الذي لا ينهاهم دينهم عن سفك الدماء ، فقال لهم الخريت ، ويلكم ، لا ينجيكم من القتل إلا قتال هؤلاء القوم