كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 114 """"""
والصبر ، فإن حكمهم فيمن أسلم ثم ارتد أن يقتل ولا يقبلون منه توبة ولا عذرا . فخدعهم وجمعهم وأتاهم من كان من بني ناجية وغيرهم خلق كثير .
فلما انتهى معقل إليه نصب راية أمان ، وقال : " من أتاها من الناس فهو آمن إلا الخريت وأصحابه الذين حاربونا أول مرة " . فتفرق عن الخريت جل من كان معه من غير قومه .
وعبأ معقل أصحابه وزحف بهم نحو الخريت ومعه أصحابه مسلمهم ونصرانيهم ومانع الزكاة منهم ، وحرض كل واحد منهما أصحابه ، ثم حمل معقل ومن معه فقاتلوا قتالاً شديداً وصبروا ، ثم إن العمان بن صهبان الراسبي بصر بالخريت ، فحمل عليه فطعنه ، فصرع عن دابته ، ثم اختلفا ضربتين ، فقتله النعمان ، وقتل معه في المعركة سبعون ومائة رجل ، وذهب الباقون يمينا وشمالا ، وسبى معقل من أدركه من حريمهم ذراريهم ، وأخذ رجالاً كثيراً ، فأما من كان مسلماً فخلاه وأخذ بيعته وترك له عياله ، وأما من كان ارتد فعرض عليهم الإسلام ، فرجعوا ، فخلى سبيلهم وسبيل عيالهم ، إلا شيخاً نصرانياً منهم يقال له الرماحس لم يسلم فقتله .
وجمع من منع الصدقة ، وأخذ منهم صدقة عامين .
واحتمل الأسارى وعيالهم وأقبل بهم ، وشيعهم المسلمون ، فلما ودعوهم بكى الرجال والنساء بعضهم إلى بعض حتى رحمهم الناس . ثم مر بهم حتى أقبل على مصقلة بن هبيرة الشيباني ، وهو عامل علي على أردشير خره ، وهم خمسمائة إنسان ، فبكى النساء والصبيان وصاح الرجال : " يا أبا الفضل ، يا حامي الرجال ، ومأوى الرجال ، ومأوى العضب وفكاك العناة ، امنن علينا فاشترنا وأعتقنا " . فقال مصقلة : أقسم بالله لأتصدقن عليكم إن الله يجزي المتصدقين . فاشتراهم من معقلٍ بخمسمائة ألف ، فقال له معقل : عجل المال إلى أمير المؤمنين . فقال أنا باعث الآن بعضه ثم أبعث كذلك حتى لا يبقى منه شيء ؛ وأقبلي معقل إلى علي فأخبره بما كان منه فاستحسنه .

الصفحة 114