كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 117 """"""
ويحك . أعلي تثب ؟ فوالله ما أحب أن لي ملك الشام إلى مصر وأني قتلتك " . فبعث إليه مسلمة : إني كاف عنك ما دمت أنت والي مصر . وبعث قيس إلى أهل خربتا إني لا أكرهكم على البيعة ، وإني أكف عنكم . فهادنم وجبى الخراج ، ليس أحد ينازعه . فكان قيس أثقل خلق الله على معاوية ، لقربه من الشام ومخافة أن يقبل علي في أهل العراق ، وقيس في أهل مصر ، فيقع بينهما ، فكتب معاوية إلى قيس : " سلام عليكم ؛ أما بعد ، فإنكم نقمتم على عثمان ضربةً بسوط ، أو شتمة لرجل ، أو تسيير آخر ، أو استعمال فتى ، وقد علمتم أن دمه لا يحل لكم فقد ركبتم عظيماً وجئتم أمراً إداً ، فتب إلى الله يا قيس ، فإنك من المجلبي على عثمان ، فأما صاحبك ، فإذا استيقنا أنه أغرى به الناس ، وحملهم حتى قتلوه ، وأنه لم يسلم من دمه عظم قومك ، فإن استطعت يا قيس أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل ، وتابعنا على أمرنا ، ولك سلطان العراقين إذا ظهرت ما بقيت ، ولمن أحببت من أهلك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان ، وسلني ما شئت فإني أعطيكه ، واكتب إلي برأيك " .
فلما أتاه الكتاب أحب أن يدافعه ولا يبدي له أمره ، ولا يتعجل إلى حربه ، فكتب إليه : " أما بعد ، فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرته فيه ، فأما ما ذكرت من قتل عثمان ، فذلك شيء لم أقارفه ، وذكرت أن صاحبي هو الذي أغرى به حتى قتلوه فهذا ما لم أطلع عليه ، وذكرت أن عظم عشيرتي لم تسلم من دم عثمان فأول الناس كان فيها قياماً عشيرتي ، وأما ما عرضته من متابعتك فهذا أمر لي فيه نظر وفكرة ، وليس هذا مما يسرع إليه ، وأنا كاف عنك ، وليس يأتيك من قبلي ما تكرهه حتى ترى ونرى إن شاء الله تعالى " .
فلما قرأ معاوية كتابه رآه مقارباً مباعداً ، فكتب إليه : " أما بعد ، فقد قرأت كتابك فلم أرك تدنو فأعدك سلماً ، ولا تتباعد فأعدك حرباً ، وليس مثلي يصانع المخادع وبنخدع للمكايد ومعه عدد الرجال وأعنة الخيل ، والسلام .
فلما قرأ قيس كتابه ورأى أنه لا تفيد معه المدافعة والمماطلة أظهر له ما في نفسه ، فكتب إليه : " أما بعد ، فالعجب من اغترارك بي وطمعك في ، واستسقاطك رأيي ، أتسومني الخروج من طاعة أولى الناس بالإمارة ، وأقولهم بالحق ، وأهداهم