كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 119 """"""
وخرج إلى المدينة وهو غضبان ، فأخافه مروان بن الحكم فخرج من المدينة هو وسهيل بن حنيف إلى علي رضي الله عنه فشهدا معه صفين ، فبعث معاوية إلى مروان يتغيظ عليه ويقول له : لو أمددت علياً بمائة ألف مقاتل كان أيسر عندي من قيس بن سعد في رأيه ومكانه .
ولما قدم قيس على علي وأخبره الخبر ، علم أنه كان يقاسي أموراً عظاماً من المكايد وعظم محل قيس عنده وأطاعه في الأمر كله . وأما محمد ابن أبي بكر فإنه لما قدم مصر قرأ كتاب علي رضي الله عنه إلى أهل مصر عليهم ، ثم قام فقال : " الحمد لله الذي هدانا وإياكم لما اختلف فيه من الحق ، وبصرنا وإياكم كثيراً مما كان عمي عنه الجاهلون ، ألا إن أمير المؤمنين ولاني أمركم ، وعهد إلي ما سمعتم ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، فإن يكن ما ترون من إمارتي وأعمالي طاعةً لله فاحمدوا الله على ما كان من ذلك ، فإنه هو الهادي له ، وإن رأيتم عاملاً لي بغير الحق فارفعوه إلي وعاتبوني فيه ، فإني بذلك أسعد وأنتم جديرون ، وفقنا الله وإياكم لصالح الأعمال برحمته " . ثم نزل .
فلم يلبث إلا شهراً حتى بعث إلى أولئك القوم المعتزلين الذين كانوا قد وادعهم قيس بن سعد ، فقال لهم : إما أن تدخلوا في طاعتنا وإما أن تخرجوا عن بلادنا . فأجابوه : إنا لا نفعل ، فدعنا حتى ننظر إلى ما يصير أمرنا إليه ، ولا تعجل بحربنا . فأبى عليهم ، فامتنعوا وأخذوا حذرهم ، وكانت وقعة صفين وهم هائبون لمحمد ، فلما رجع على معاوية وصار الأمر إلى التحكيم طمعوا فيه ، وأظهروا له المبارزة ، فبعث محمد الحارث بن جهمان الجعفي إلى أهل خربتا فقاتلهم فقتلوه ، فبعث إليهم رجلاً من كلب يدعى ابن مضاهم فقتلوه . ثم كان من خبر محمد بن أبي بكر ما نذكره إن شاء الله تعالى .
وفي هذه السنة قدم أبراز مرزبان مرو إلى علي رضي الله عنه بعد الجمل مقراً بالصلح ، فكتب له كتاباً إلى دهاقين مرو والأساورة ومن بمرو ، ثم إنهم كفروا وأغلقوا نيسابور ، فبعث علي خليد بن قرة - وقيل : ابن طريف - اليربوعي إلى خراسان .
وفيها مات حذيفة بن اليمان قبل وقعة الجمل