كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 124 """"""
وفيها استعمل علي رضي الله عنه زياد بن أبيه على كرمان وفارس فضبطها بعد أن اضطربت أمورها . وحج بالناس في هذه السنة عبيد الله بن عباس من قبل علي ، وقيل : قثم بن العباس ، وقيل : إن معاوية بعث يزيد بن شجرة الرهاوي ليحج بالناس فاختلف هو وعبيد الله بن عباس ، ثم اتفقا على أن يحج بالناس شيبة بن عثمان فحج . والله أعلم .
وفيها توجه الحارث بن مرة العبدي إلى بلاد السند غازياً متطوعاً بأمر عليٍ رضي الله عنه فغنم وأصاب سبياً كثيراً ، وقسم في يوم واحد ألف رأس وبقي غازياً إلى أن قتل بأرض القيقان هو ومن معه إلا قليلاً في سنة اثنتين وأربعين .
سنة أربعين
في هذه السنة بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن ، ففعل من الأفعال القبيحة وسفك من الدماء المحرمة ما نذكره في أخبار معاوية .
وفيها جرت مهادنة بين علي ومعاوية بعد مكاتبات طويلة على وضع الحرب ، ويكون لعلي العراق ولمعاوية الشام لا يدخل أحدهما بلد الآخر بغارة ، واتفقا على ذلك .
وفيها فارق عبد الله بن عباس البصرة ولحق بمكة في قول أكثر أهل التاريخ ، وسبب ذلك أنه مر بأبي الأسود فقال له : " لو كنت من البهائم لكنت جملاً ، ولو كنت راعياً لما بلغت المرعى " . فكتب أبو الأسود إلى علي رضي الله عنه : " . . . إن ابن عمك قد أكل ما تحت يده بغير علمك ، ولم يسعني كتمانك رحمك الله ، فانظر فيما هناك واكتب إلي برأيك فيما أحببت والسلام " .
فكتب إليه علي : " أما بعد فمثلك من نصح الإمام والأمة ، ووالى على الحق ، وقد كتبت إلى صاحبك فيما كتبت إلي ، ولم أعلمه بكتابك فلا تدع إعلامي بما يكون بحضرتك مما النظر فيه للأمة صلاح ، فإنك بذلك جدير ، وهو حق واجب عليك والسلام .

الصفحة 124