كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 128 """"""
الدنيا والآخرة ؟ قال : وما هو ؟ قال : تساعدني على قتل علي بن أبي طالب ، فقال : " ثكلتك أمك لقد جئت شيئاً إداً ، كيف تقدر على ذلك ؟ " قال : " إنه رجل لا حرس له ، ويخرج إلى المسجد منفرداً دون من يحرسه ، فنكمن له في المسجد ، فإذا خرج إلى الصلاة قتلناه ، فإن نجونا نجونا ، وإن قتلنا سعدنا بالذكر في الدنيا وبالجنة في الآخرة " . فقال : " ويلك إن علياً ذو سابقة في الإسلام وفضل ، والله ما تنشرح نفسي لقتله " . قال : " ويلك إنه حكم الرجال في دين الله ، وقتل إخواننا الصالحين ، فنقتله ببعض ما قتل ، فلا تشكن في دينك " . فأجابه ، وأقبلا حتى دخلا على قطام ، وهي معتكفة في المسجد الأعظم في قبة ضربتها لنفسها ، فدعت لهم .
وأخذوا أسيافهم وجلسوا قبالة السدة التي يخرج منها علي رضي الله عنه ، فخرج إلى صلاة الصبح يوم الجمعة ، فبدره شبيب فضربه فأخطأه ، ووقع سيفه بعضادة الباب ، وضربه عبد الرحمن بن ملجم على رأٍه ، وقال : الحكم لله يا علي لا لك ولأصحابك . فقال علي رضي الله عنه : فزت ورب الكعبة لا يفوتنكم الكلب . وهرب شبيب خارجاً من باب كندة ، فلحقه رجل من حضرموت يقال له : عويمر ، فصرعه ، وأخذ سيفه ، وجلس على صدره فصاح الناس : عليكم بصاحب السيف ، فخاف عويمر على نفسه فتركه ونجا ، فهرب شبيب في غمار الناس .
وهرب وردان إلى منزله ، فأتاه رجل من أهله ، فأخبره وردان بما كان ، فانصرف وجاء بسيفه وقتل وردان .
وأما ابن فإنه لما ضرب علياً حمل على الناس ، فأفرجوا له ، فتلقاه المغيرة بن الحكم بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب ، فرمى عليه قطيفة واحتمله وصرعه وقعد على صدره .
واختلفوا : هل ضربه في الصلاة ؟ أو قبل الدخول فيها ؟ وهل استخلف من أتم بهم الصلاة أو هم أتمها ؟ قال أبو عمر ابن عبد البر : والأكثر أنه استخلف جعدة بن هبيرة ، فصلى بهم تلك الصلاة .
قال : ثم قال علي رضي الله عنه لأصحابه حين أخذوا ابن ملجم : احبسوه فإن مت فاقتلوه ولا تمثلوا به ، وإن لم أمت فالأمر إلي في العفو أو القصاص .

الصفحة 128