كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 13 """"""
وتحكم فيه ما تريد فإنّه . . . لداهيةٌ فارفق به وابن داهيه
فلم يقبل النّصح الذي جئته به . . . وكانت له تلك النصيحة كافيه
وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - نحوه ، إلا أنه قال " أتيت عليا بعد قتل عثمان ، عند عودي من مكة ، فوجدت المغيرة بن شعبة مستخليا به ، فخرج من عنده ، فقلت له : ما قال لك هذا ؟ فقال : قال لي قبل مرته هذه " إن لك حق الطاعة والنصيحة ، وأنت بقية الناس ، وإن الرأي اليوم يحرز به ما في غدٍ ، وإن الضياع اليوم يضيع به ما في غدٍ ، أقرر معاوية وابن عامرٍ وعما لعثمان على أعمالهم ، حتى تأتيك بيعتهم ويسكن الناس ثم اعزل من شئت " فأبيت عليه ذلك ، وقلت : لا أداهن في ديني ولا أعطى الدينة في أمري .
قال " فإن كنت أبيت علي فاعزل من شئت واترك معاوية ، فإن في معاوية جرأةً ، وهو في أهل الشام يستمع منه ، ولك حجةٌ في إثباته ، فإن عمر بن الخطاب كان قد ولاه الشام " فقلت ؛ لا والله لا أستعمل معاوية يومين . ثم انصرف من عندي وأنا أعرف أنه يرى أني مخطئ ، ثم عاد إلى الآن فقال : " إني أشرت عليك أول مرة بالذي أشرت ، وخالفتني فيه ، ثم رأيت بعد ذلك أن تصنع الذي رأيت ، فتعزلهم وتستعين بمن تثق به ، فقد كفى الله ، وهم أهون شوكةً مما كان " . .
قال ابن عباس : فقلت لعلي : أما المرة الأولى فقد نصحك ، وأما المرة الثانية فقد غشك .
قال : ولم نصحني ؟ قلت : لأن معاوية وأصحابه أهل دنيا ، فمتى تثبتهم لا يبالوا من ولي هذا الأمر ، ومتى تعزلهم يقولوا " أخذ هذا الأمر بغير شورى ، وهو قتل صاحبنا " ويؤلبوا عليك ، فينتقص عليك أهل الشام وأهل العراق ، مع أني لا آمن طلحة والزبير أن يكرا عليك وأنا أشير عليك أن تثبت معاوية ، فإن بايع لك فعلي أن أقلعه من منزله .
قال علي : والله لا أعطيه إلا السيف ثم تمثل :
وما ميتةٌ إن متها غير عاجز . . . بعارٍ إذا ما غالت النفس غولها
فقلت : يا أمير المؤمنين ، أنت رجل شجاع ، لست صاحب رأيٍ في الحرب ، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه ويلم يقول : " الحرب خدعة " ؟ فقال : بلى . فقلت : أم والله

الصفحة 13