كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 138 """"""
بويع له يوم وفاة أبيه في شهر رمضان سنة أربعين ، وأول من بايعه قيس بن سعد بن عبادة ، وقال له : ابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وقتال المحلين . فقال له الحسن : على كتاب الله وسنة رسوله ، فإنهما يأتيان على كل شرط . فبايعه الناس ، وكان الحسن يشرط عليهم : " إنكم سامعون مطيعون ، تسالمون من سالمت ، وتحاربون من حاربت " . فارتابوا بذلك وقالوا : ما هذا لكم بصاحب وما يريد هذا إلا القتال . .
وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، لما ضربه ابن ملجم دخل عليه جندب بن عبد الله فقال : " إن فقدناك - ولا نفقدك - أفنبايع الحسن ؟ " فقال علي رضي الله عنه : " ما آمركم ولا أنهاكم ، أنتم أبصر " . فلما مات بايعه الناس ، ولم تطل مدته حتى سلم الأمر لمعاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه ؛ لأسباب نذكرها إن شاء الله تعالى .
ذكر تسليم الحسن بن علي الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان
قال : كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد بايعه أربعون ألفاً من عسكره على الموت ، وتجهز لقصد الشام لقتال معاوية فقتل قبل ذلك .
فلما بايع الناس الحسن تجهز بهذا الجيش ، وسار من الكوفة في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ، وذلك عندما بلغه مسير معاوية إليه في أهل الشام .
ووصل الحسن إلى المدائن ، وجعل قيس بن سعد بن عيادة على مقدمته في اثني عشر ألفاً ، وقيل : بل كان الحسن قد جعل على مقدمته عبيد الله بن عباس ، فجعل عبيد الله على مقدمته في الطلائع قيس بن سعد .
ووصل معاوية مسكن .
فلما نزل الحسن المدائن نادى منادٍ في العسكر : ألا إن قيس ابن سعد قتل فانفروا . فنفروا . وأتوا سرادق الحسن ، وانتهبوا ما فيه ، حتى نازعوه بساطاً كان

الصفحة 138