كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 139 """"""
تحته ، وأخذوا رداءه من ظهره ، ووثب عليه رجل من الخوارج من بني أسد يقال له ابن أقيصر بخنجر مسموم فطعنه به في إليته ، ووثب الناس على الأسدي فقتلوه .
فازداد لهم بغضاً ومنهم ذعراً ، ودخل المقصورة البيضاء بالمدائن ، وكان الأمير على المدائن سعد بن مسعود الثقفي ، عم المختار بن أبي عبيد ، فقال له المختار وهو شاب : هل لك في الغنى والشرف ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : تستوثق من الحسن وتستأمن به إلى معاوية . فقال له عمه : " عليك لعنة الله أثب على ابن بنت رسول الله وأوثقه ؟ بئس الرجل أنت " فلما رأى الحسن رضي الله عنه تفرق الناس عنه كتب إلى معاوية وشرط شروطاً ، وقال : إن أعطيتني هذا فأنا سامع مطيع ، وعليك أن تفي لي به . وقال لأخيه الحسين وعبد الله ابن جعفر : إنني قد أرسلت إلى معاوية في الصلح . فقال له الحسين : أنشدك الله أن لا تصدق أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة أبيك فقال له الحسن : اسكت أنا أعلم بالأمر منك .
فلما انتهى كتاب الحسن إلى معاوية أمسكه ، وكان قد أرسل عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة بن جندب إلى الحسن قبل وصول الكتاب إليه ، ومعهما صحيفة ، بيضاء مختوم على أسفلها ، وكتب إليه : أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك . فلما أتت الصحيفة إلى الحسن اشترط أضعاف الشروط التي سأل معاوية قبل ذلك ، وأمسكها عنده .
فلما سلم الحسن رضي الله عنه الأمر لمعاوية ، طلب الحسن أن يعطيه الشروط التي اشترطها في الصحيفة التي ختم عليها معاوية فأبى ذلك ، قال : قد أعطيتك ما كتبت تطلب .
قال : ولما اصطلحا قام الحسن رضي الله عنه في أهل العراق فقال : " يا أهل العراق إنه سخي بنفسي عنكم ثلاث : قتلكم أبي وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي " . .
قال : وكان الذي طلب الحسن من معاوية أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة ومبلغه خمسة آلاف ألف . وقيل : سبعة آلاف ألف وخراج داره بجرد من فارس وأن لا يشتم علي .
فلم يجبه إلى الكف عن شتم علي ، فطلب أن لا يشتم