كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 14 """"""
لئن أطعتني لأصدرنهم بعد ورود ، ولأنظرنهم ينظرون في دبر الأمور لا يعرفون ما كان وجهها ، في غير نقصان عليك ولا إثمٍ لك .
فقال : يا ابن عباس ، لست من هنياتك ولا من هنيات معاوية في شيء ، فقلت له : أطعني ، والحق بمالك بينبع ، وأغلق بابك عليك ، فإن العرب تجول جولةً وتضطرب ولا تجد غيرك ، فإنك والله لئن نهضت مع هؤلاء اليوم ليحملنك الناس دم عثمان غدا . .
فأبى علي ، وقال : تشير علي وأرى فإذا عصيتك فأطعني قال : فقلت " أفعل ، إن أيسر مالك عندى الطاعة " .
فقال له علي : تسير إلى الشام فقد وليتكها .
فقال ابن عباس : " ما هذا برأي ، معاوية رجلٌ من بني أمية ، وهو ابن عم عثمان ، وعامله ، ولست آمن أن يضرب عنقي بعثمان ، وإن أدنى ما هو صانع أن يحبسني فيتحكم علي لقرابتي منك . وإن كل ما حمل علي حمل عليك ، ولكن اكتب إلى معاوية فمنه وعده " .
فقال : لا والله لا كان هذا أبدا وخرج المغيرة فلحق بمكة .
ذكر تفريق علي عماله وخلاف معاوية رضي الله عنهما
وفي سنة ست وثلاثين فرق علي - رضي الله عنه - عماله على الأمصار ، فبعث عثمان بن حنيف على البصرة ، وعمارة بن شهاب على الكوفة ، وعبيد الله بن عباس على اليمن ، وقيس بن علي مصر ، وسهل بن حنيف على الشام .
فأما سهلٌ فإنه خرج ، حتى إذا كان بتبوك لقيته خيلٌ فقالوا : من أنت ؟ قال : أميرٌ .
قالوا : على أي شيء ؟ قال : على الشام . قالوا : إن كان عثمان بعثك فحي هلا بك ، وإن كان بعثك غيره فارجع . قال : أو ما سمعتم بالذي كان ؟ قالوا : بلى . . . فرجع إلى علي .

الصفحة 14