كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 16 """"""
قال : ولما رجع سهل بن حنيف دعا عليٌ طلحة والزبير فقال " إن الأمر الذي كنت أحذركم قد وقع ، وإن الذي قد وقع لا يدرك إلا بإماتة ، وإنها فتنة كالنار كلما سعرت ازدادت اضراما ، واستثارت " . فقالا : - ائذن لنا نخرج من المدينة ، فإما أن نكاثر ، وإما أن تدعنا . فقال : سأمسك الأمر ما أستمسك ، فإذا لم أجد بدا فآخر الداء الكي .
وكتب إلى معاوية وإلى أبي موسى ، فأجابه أبو موسى بطاعة أهل الكوفة ، وبين الكاره منهم للذي كان والراضي ومن بين ذلك ، حتى كان علي كأنه يشاهدهم . . وكان رسوله إلى أبي موسى معبد الأسلمي . وكان رسوله إلى معاوية سبرة الجهني ، فلم يجبه معاوية بشيء وكلما تنجز جوابه لم يزده على قوله :
أدم إدامة حصنٍ أو خذاً بيدي . . . حرباً ضروساً تشبّ الجزل والضّرما
في جاركم وابنكم إذ كان مقتله . . . شنعاء شيّبت الأصداغ واللمما
أعيى المسود بها والسّيّدون فلم . . . يوجد لها غيرنا مولىً ولا حكما
حتى إذا كان الشهر الثالث من مقتل عثمان في صفر دعا معاوية رجلاً من بني عبس ، اسمه قبيصة ، فدفع إليه طومارا مختوما ، عنوانه " من معاوية إلى علي " وقال له : إذا دخلت المدينة فاقبض على أسفل الطومار .
وأوصاه بما يقول ، وأعاد رسول علي معه ، فقدما المدينة في شهر ربيع الأول ، ودخل العبسي كما أمره معاوية ، والناس تنظر إلى الطومار ، حتى دفعه إلى علي ، ففضه ، فلم يجد فيه كتاباً فقال للرسول : ما وراءك ؟ قال : وأنا آمنٌ ؟ قال : نعم ، إن الرسل لا تقتل .
قال تركت قوماً لا يرضون إلا بالقود . قال : ممن ؟ قال " من خيط رقبتك وتركت ستين ألف

الصفحة 16