كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 22 """"""
فاسترجع عثمان ، وقال : دارت رحى الإسلام ورب الكعبة ونادى في الناس ، وأمرهم بلبس السلاح . وأقبلت عائشة فيمن معها حتى انتهوا إلى المربد ، فدخلوا من أعلاه ، ووقفوا حتى خرج عثمان بن حنيف ، فيمن معه ، وخرج إلى عائشة من أهل البصرة من أراد أن يكون معها ، فاجتمع القوم كلهم بالمربد : عائشة ومن معها في ميمنته ، وعثمان ومن معه في ميسرته .
فتكلم طلحة ، فأنصتوا له ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر عثمان وفضله وما استحل منه ، ودعا إلى الطلب بدمه ، وحثهم عليه . وتكلم الزبير بمثل ذلك . فقال من في ميمنة المربد : صدقا وبرا وقال من في ميسرته : " فجرا ، وغدرا ، وأمرا بالباطل بايعا علياً ثم جاءا يقولان ما يقولان " وتحاثى الناس وتحاصبوا . فتكلمت عائشة فحمدت الله وأثنت عليه ، وقالت : كان الناس يتجنون على عثمان ، ويزرون على عماله ، ويأتوننا بالمدينة فيستشيروننا فيما يخبروننا عنهم ، ويرون حسناً من كلامنا في إصلاح بينهم ، فننظر في ذلك فنجده برياً تقياً وفياً ، ونجدهم فجرةً غدرة كذبه ، وهم يحولون غير ما يظهرون ، فلما قدروا على المكاثرة كاثروه ، فاقتحموا عليه داره ، واستحلوا الدم الحرام والمال الحرام ، والبلد الحرام ، بلا ترةٍ ولا عذر ، ألا إن فيما ينبغي - لا ينبغي لكم غيره - أخذ قتلة عثمان ، وإقامة كتاب الله ، " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من المتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم " الآية .
فافترق أصحاب عثمان بن حنيف فرقتين : فقالت فرقةٌ : صدقت والله وبرت وجاءت بالمعروف ، وقالت فرقة خلاف ذلك .
فتحاثوا وتحاصبوا وأرهجوا ، فلما رأت عائشة ذلك انحدرت وانحدر أهل الميمنة مفارقين لعثمان بن حنيف ، حتى وقفوا

الصفحة 22