كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 25 """"""
من يسمو إلى أمرٍ لا يناله ، فإذا كان كذلك شغب على الذي قد نال ما يريد ، حتى يكسر حدته . " فقال علي : إن الأمر ليشبه ما تقول .
وتهيأ للخروج إليهم ، فندب أهل المدينة للمسير معه ، فتثاقلوا فبعت إلى عبد الله بن عمر كميلا النخعي ، فجاء به ، فدعاه إلى الخروج معه ، فقال : " إنما أنا من أهل المدينة ، وقد دخلوا في هذا الأمر ، فدخلت معهم ، فإن يخرجوا أخرج معهم وإن يقعدوا أقعد . " قال : فأعطني كفيلا .
قال : لا أفعل . فقال له علي : لولا ما أعرف من سوء خلقك صغيراً وكبيراً لأنكرتني دعوه فأنا كفيله . فرجع ابن عمر إلى أهل المدينة وهم يقولون : " والله ما ندري كيف نصنع ؟ إن الأمر لمشتبه علينا ، ونحن مقيمون حتى يضيء " فخرج من تحت ليلته ، وأخبر أم كلثوم ابنة علي ، وهي زوجة عمر بالذي سمع وأنه يخرج معتمراً مقيماً على طاعة علي ما خلا النهوض . فأصبح علي فقيل له : حدث الليلة حدثٌ هو أشد من أمر طلحة والزبير وعائشة ومعاوية قال : وما ذاك ؟ قالوا : خرج ابن عمر إلى الشام فأتى السوق ، وأعد الظهر والرحال ، وأعد لكل طريقٍ طلابا ، وماج الناس ، فسمعت أم كلثوم ، فأتت عليا فأخبرته الخبر ، فطابت نفسه ، وقال : " انصرفوا ، والله ما كذبت ولا كذب ، وإنه عندي ثقة " . فانصرفوا .
ثم أتى عليا الخبر بمسير طلحة والزبير وعائشة من مكة نحو البصرة ، فدعا وجوه أهل المدينة وخطبهم ، فحمد الله وأثنى عليه وقال : " إن آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح أوله ، فانصروا الله ينصركم ويصلح لكم أمركم . " فتثاقلوا ، فلما رأى زياد بن حنظله تثاقل الناس انتدب إلى علي رضي الله عنه وقال له : من تثاقل عنك فإنا نخف معك فنقاتل دونك . وقال أبو الهيثم ابن التيهان وخزيمة بن ثابت . قال

الصفحة 25