كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 29 """"""
منكم ، وهذه فتنةٌ صماء ، النائم فيها خيرٌ من اليقظان ، واليقظان خير من القاعد ، والقاعد خير من القائم ، والقائم خير من الراكب ، والراكب خير من الساعي ، فكونوا جرثومة من جراثيم العرب ، فأغمدوا السيوف ، وأنصلوا الأسنة ، واقطعوا الأوتار ، وآووا المظلوم والمضطهد ، حتى يلتئم هذا الأمر وتنجلي هذه الفتنة " .
فرجع ابن عباس والأشتر إلى علي ، فأخبراه الخبر .
فأرسل ابنه الحسن وعمار ابن ياسر ، رضي الله عنهما ، وقال لعمار : انطلق فأصلح ما أفسدت . فأقبلا حتى دخلا مسجد الكوفة ، فكان أول من رآهما مسروق بن الأجدع ، فسلم عليهما ، وأقبل على عمار فقال : يا أبا اليقظان علام قتلتم عثمان ؟ قال : على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا ؟ قال : والله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به ولا صبرتم فكان خيراً للصابرين .
فخرج أبو موسى فلقي الحسن فضمه إليه ، وأقبل على عمارٍ فقال : يا أبا اليقظان أعدوت على أمير المؤمنين فيمن عدا فأحللت نفسك مع الفجار ؟ فقال : لم أفعل ولم يسؤني فقطع الحسن عليهما الكلام ، وأقبل على أبي موسى فقال له : " لم تثبط الناس عنا ؟ فو الله ما أردنا إلا الإصلاح ، ولا مثل أمير المؤمنين يخاف على شيء " قال : صدقت ، بأبي أنت وأمي ولكن " المستشار مؤتمن ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول " إنها ستكون فتنة ، القاعد فيها خيرٌ من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خيرٌ من الراكب " وقد جعلنا الله إخواناً ، وحرم علينا دماءنا وأموالنا .
فغضب عمار ، وسبه ، وقام فقال : يا أيها الناس إنما قال له وحده " أنت فيها قاعدا خيرٌ منك قائما " .

الصفحة 29