كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 300 """"""
المشرق . وحكى الاستربازي في كتابه " الداعي إلى وداع الدنيا " عن أبي سعيد الزاهد أنه قال : قبر الحسين بكربلاء ورأسه بالشام في مسجد دمشق على رأس أسطوانة ، وقال غيره : على عمودين يمين القبلة ، وقيل أن يزيد دفنه في قبر أبيه معاوية ، ومنهم من قال : في مقابر المسلمين . وأما من قال : إنه بمرو فإنه يقول : إن أبا مسلم الخرساني لما استولى على دمشق ، أخذ الرأس ونقله إلى مرو ، ودفن بها في دار الإمارة ، وأن الرأس حشي بالمسك وكفن وصلي عليه مرة بعد أخرى .
وأما من قال : إنه أعيد إلى الجسد ودفن معه ، فمنهم من يقول : إن يزيد أعاده بعد أربعين يوماً ، ومنهم من يقول : بل استقر في خزانة السلاح إلى أن ولى سليمان بن عبد الملك فأحضره وقد قحل ، وبقي عظم أبيض فجعل عليه ثوب وجعله في سفط وصلى عليه ودفن في مقابر المسلمين ، فلما ولى عمر بن عبد العزيز بعث إلى خازن السلاح يطلب منه الرأس ، فطالعه بما كان من أمره فأمره بنبشه وأخذه ، فالله أعلم بما صنع به ، لكنهم استدلوا من ديانة عمر بن عبد العزيز وصلاحه وخيره أنه نقله إلى الجسد ودفن معه .
وأما من قال : إنه كان بعسقلان ثم نقل إلى مصر فاستنادهم في ذلك إلى رؤيا منام ، وذلك أن رجلاً رأى في منامه ، وهو بعسقلان أن رأس الحسين في مكان بها ، عين له في منامه فنبش ذلك الموضع ، وذلك أيام المستنصر بالله العبيدي صاحب مصر ، ووزارة بدر الجمالي ، فابتنى بدر الجمالي له مشهداً بعسقلان ، فلم يزل الأمر على ذلك إلى أن تغلب الفرنج على عسقلان ، في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ، فحمل إلى القاهرة في البحر .
وحكى محمد بن القاضي المكين عبد العزيز بن حسين في سيرة الصالح بن رزيك ، قال : لما ولي عباس بن أبي الفتوح الوزارة بمصر في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ، في مستهل جمادى الآخرة وصل الخبر بتملك الفرنج عسقلان ، فنقل رأس الحسين فيها من المشهد الذي أنشأه أمير الجيوش بدر الجمالي ، وكمله