كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 301 """"""
الأفضل - إلى القاهرة ، فكان وصوله إليها في يوم الأحد ، ثامن جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ، وكان قد سير أحد الأستاذين الخواص لتلقيه إلى مدينة تنيس ، فوصل في عشارى من عشاريات الخدمة ، ودخل فيه إلى خليج القاهرة ، وأدخل من باب البستان المعروف بالكافوري ، في ليلة الاثنين التاسع من الشهر ، وسلك به إلى القصر الغربي إلى أن وصل إلى القصر الشرقي ، ولم يزل الحال على ذلك إلى أن حدث من عباس وابنه ما حدث ، من قبل الظافر وإخوته وابن أخيه ، على ما نذكر إن شاء الله في كتابنا هذا ، فلما نهض الصالح بن زريك في الطلب بثأرهم ، وولي الوزارة ، لم يقدم شيئاً على الشروع في بناء المشهد بالقصر ، في الموضع المعروف بقبة الخراج من دهاليز باب الديلم وكمل المشهد ، فلما كان في ليلة يسفر صباحها عن تاسع المحرم خمس وخمسين وخمسمائة ، خرج ابن رزيك من داره راجلاً إلى الإيوان ، فأخرج الرأس فحمله خاشعاً مستكيناً إلى أن أحله بالضريح ، ومدحه الشعراء ، فمن ذلك قول أحدهم :
أدركت من عباس ثأراً دونه . . . ما أدرك السفاح من مروان
وحقرت ما فخر بن ذي يزنٍ به . . . لما أقر الملك في غمدان
وجمعت أشلاء الحسين وقد غدت . . . بدداً فأضحت في أعز مكان
وعرفت للعضو الشريف محله . . . وجليل موضعه من الرحمن
أكرمت مثواه لديك وقبل في . . . آل الطريد غدا بدار هوان
وقضيت حق المصطفى في حمله . . . وحظيت من ذي العرش بالرضوان
ونصبته للمسلمين تزوره . . . مهجٌ إليه شديدة الهيمان
أسكنته في خير مأوىً خطه . . . أبناؤه في سالف الأزمان ولو استطعت جعلت قلبك لحده . . . في موضع التوحيد والإيمان
حرم تلوذ به الجناة فتنثني . . . محبوةً بالعفو والغفران
قد كان مغترباً زماناً قبل ذا . . . فالآن عدت به إلى الأوطان
وأما من قال : إنه بالمدينة ، فيقول : إنه لما نصب بدمشق وطيف به ، أمر

الصفحة 301