كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 302 """"""
يزيد بن معاوية النعمان بن بشير الأنصاري أن يحمله إلى المدينة ، ليشاهده الناس ، وليرهب به عبد الله بن الزبير ، فلما وصل إلى المدينة ودخل به على عمرو بن سعيد الأشدق ، قال : وددت أن أمير المؤمنين لم يكن بعث به إلي ، فقال له مروان بن الحكم : اسكت لا سكت ولكن قل كما قال :
ضربت دوسي فيهم ضربةً . . . أثبتت أوتاد ملك فاستقر
ثم أمر به عمرو بن سعيد فكفن ودفن عند قبر أمه فاطمة رضي الله عنهما .
وقيل : بل أرسل إلى من بالمدينة من بني هاشم ، أن دونكم رأس صاحبكم ، فأخذوه ، فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه عند قبر أمه رضي الله عنهما ، والله تعالى أعلم ، وقد تكلم عمر بن أبي المعالي أسعد بن عمار بن سعد بن عمار بن علي رحمه الله تعالى في كتابه الذي ترجمه " الفاصل بين الصدق والمين في مقر رأس الحسين " على هذه الأقوال المتقدمة ووهنها وضعفها " واستدل على ضعفها " ، ورجح أنه بالمدينة ، حتى كاد يبلغ فيه مبلغ القطع ، فقال ما معناه : أما قولهم إنه كان في خزائن بني أمية إلى أن ظهرت الخلافة العباسية ، وأن أبا مسلم نقله إلى خراسان ، فهذا بعيد جداً ، وذلك أن أبا مسلم لما فتح الشام كان بخراسان ، والذي فتح دمشق عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس ، فكيف يتصور أن ينقله أو يمكن من نقله إلى مولاه بخراسان ؟ ولو ظفر به في خزائن بني أمية لأظهره للناس ليزدادوا لبني أمية بغضاً ، وأيضاً فقد ولى العبد الصالح عمر بن عبد العزيز الخلافة ، وبعيد أن كان يترك رأس ابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في خزائن السلاح ولم يواره .
أما قولهم إنه كان بعسقلان فلم يوجد ذلك في تاريخ من التواريخ أنه نقل إلى عسقلان أو إلى مصر ، ويقوي ذلك أن الشام ومصر لم يكن بهما شيعة علوية فينقل إليهم ليروه وتنقطع آمالهم من الحسين وتضعف نفوسهم عن الوثوب مع غيره ولانضمام إليه .
وأما قولهم إنه بالمدينة عند قبر أمه فقد قاله محمد بن سعد في طبقاته ، وابن أبي الدنيا وأبو المؤيد الخوارزمي خطيب خوارزم في إحدى روايتهما ، وصححه أبو الفرج ابن الجوزي ، والله تعالى أعلم .

الصفحة 302