كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 304 """"""
مملوك ، أقل ما مع أحدهم عشرة آلاف ، وسار عباد حتى قدم على يزيد ، فسأله عن المال ، فقال : كنت صاحب ثغر فقسمت ما أصبت بين الناس . قال : ولما سار سلم إلى خراسان كتب يزيد إلى عبيد الله بن زياد معه بنخبة ستة آلاف فارس ، وقيل ألفين ، فكان سلم ينتخب الوجوه والفرسان ، فخرج معه عمران بن الفضيل البرجمي والمهلب بن أبي صفرة وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي وغيرهم ، وسار حتى قدم خراسان ، وعبر النهر غازياً ، وكان عمال خراسان قبله يغزون ، فإذا دخل الشتاء رجعوا إلى مرو الشاهجان ، فإذا انصرف المسلمون اجتمع ملوك خراسان بمدينة مما يلي خوارزم ، فيتعاقدون ألا يغزو بعضهم بعضاً ويتشاورون في أمورهم ، وكان المسلمون يطلبون إلى أمرائهم غزو تلك المدينة ، فيأبون عليهم ، فلما قدم سلم غزا فشتى في بعض مغازيه ، فسأله المهلب أن يوجهه إلى تلك المدينة ، فوجهه في ستة آلاف ، وقيل : في أربعة آلاف فحاصرهم ، فطلبوا الصلح على نيفٍ وعشرين ألف ألف ، فصالحهم ، وكان من صلحهم أن يأخذ منهم عروضاً ، فكان يأخذ العروض من الرقيق والدواب والمتاع بنصف قيمتها ، فبلغ ما أخذ منهم خمسين ألف ألف ، فحظي بها المهلب عند سلم ، وأخذ سلم من ذلك ما أعجبه وبعث به إلى يزيد .
وغزا سلم سمرقند ، وعبر معه النهر امرأته أم محمد بنت عبد الله ابن عثمان بن أبي العاص الثقفي ، وهي أول امرأة من العرب قطع بها النهر ، فولدت له ابناً سماه " صغدي " واستعارت امرأته من امرأة صاحب الصغد حليها فلم تعده إليها وذهبت به .
ووجه جيش إلى خجندة فيهم أعشى همدان ، فهزموا ، فقال الأعشى في ذلك :
ليت خيلي يوم الخجندة لم ته . . . زم وغودرت في المكر سليبا
تحضر الطير مصرعي وتروح . . . ت إلى الله في الدماء خضيبا
وفيها عزل يزيد عمرو بن سعيد ، واستعمل الوليد بن عتبة ابن أبي سفيان ، وسبب ذلك أن الوليد وناساً من بني أمية قالوا ليزيد : لو شاء عمرو لأخذ ابن الزبير وسرح به إليك ، فعزله ، ولم يكن كذلك ، بل كان ابن الزبير كاده . وحج الوليد في هذه السنة بالناس .

الصفحة 304