كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 309 """"""
ثم إن الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب جاء إلى ابن الغسيل ، فقاتل معه في نحو عشرين فارساً قتالاً حسناً ، ثم قال ابن بن الغسيل : " مر من معك فارساً فليأتني ، فليقف معي ، فإذا حملت فليحملوا ، فوالله لا أنتهي حتى أبلغ مسلما فأقتله أو أقتل دونه " ففعل ، وجمع الجند ، فحمل بهم الفضل على أهل الشام ، فانكشفوا ، ثم حمل وحمل أصحابه حملةً أخرى ، فانفرجت خيل الشام عن مسلم ومعه خمسمائة راجل جثاة على الركب مشرعي الأسنة نحو القوم ، ومضى الفضل نحو راية مسلم فضرب رأس صاحبها فقط المغفر وفلق هامته ، فخر ميتا ، وقال : خذها وأنا ابن عبد المطلب ؟ وظن أنه قتل مسلما ، فقال : قتلت طاغية القوم ورب الكعبة ؟ فأخذ مسلم رايته ، وكان المقتول غلاما روميا شجاعا ، وحرض مسلم أهل الشام ، وقال : شدوا مع هذه الراية ، فمشى برايته ، وشدت الرجال أمام الراية ، فصرع الفضل وما بينه وبين " أطناب " فسطاط مسلم إلا نحو عشرة أذرع ، وقتل معه زيد بن عبد الرحمن بن عوف ، وأقبلت خيل مسلم ورجالته نحو ابن الغسيل ، فحرض ابن الغسيل أصحابه ، فنهضوا واقتتلوا أشد قتال ، وأخذ ابن الغسيل يقدم بنيه واحداً واحداً ، حتى قتلوا بين يديه ، ثم قتل وقتل معه أخوه لأمه محمد ابن ثابت بن قيس بن شماس ، وعبد الله بن زيد بن عاصم ، ومحمد بن عمرو بن حزم الأنصاري ، وانهزم الناس .
وأباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثا ، يقتلون الناس ، ويأخذون المتاع والأموال ، فسمي مسلم بعد وقعة الحرة مسرفاً " .
وقيل إن مسلماً لما نزل بأهل المدينة خرج إليه أهلها بجموع كثيرة وهيئة حسنة ، فهابهم أهل الشام ، وكرهوا قتالهم ، فلما رآهم مسلم سبهم وذمهم وحرضهم ، وكان شديد الوجع ، فقاتلوا ، فبينما أهل المدينة في قتالهم إذ سمعوا التكبير من خلفهم من جوف المدينة ، وكان سببه أن بني حارثة أدخلوا أهل الشام المدينة ، فانهزم الناس ، فكان من أصيب في الخندق أكثر ممن قتل .
ودعا مسلم الناس إلى البيعة ليزيد على أنهم خول له يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء ، فمن امتنع من ذلك قتله .

الصفحة 309