كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 31 """"""
أن ترشدوا ، ولأقولن لكم قولاً هو الحق ، أما ما قال الأمير فهو الحق لو أن إليه سبيلا ، وأما ما قال زيد فزيدٌ عدو هذا الأمير فلا تستنصحوه ، والقول الذي هو الحق أنه لا بد من إمارة تنظم الناس ، وتزع الظالم ، وتعز المظلوم وهذا أمير المؤمنين مليء بما ولي ، وقد أنصف في الدعاء ، وإنما يدعو إلى الإصلاح ، فانفروا وكونوا من هذا الأمر بمرأىً ومسمع " .
وقال عبد خيرٍ الخيواني : يا أبا موسى هل بايع طلحة والزبير علياً ؟ قال : نعم قال : هل أحدث عليٌ ما يحل به نقض بيعته ؟ قال : لا أدري . قال : " لا دريت نحن نتركك حتى تدرك هل تعلم أحداً خارجاً من هذه الفتنة ؟ إنما الناس أربع فرق : عليٌ بظهر الكوفة ، وطلحة والزبير بالبصرة ، ومعاوية بالشام ، وفرقةٌ بالحجاز لا غناء بها ولا يقاتل بها عدو . " فقال أبو موسى : أولئك خير الناس وهي فتنة فقال عبد خير : غلب عليك غشك يا أبا موسى فقال سيحان بن صوحان : إنه لا بد لهذا الأمر وهؤلاء الناس من والٍ ، يدفع الظلم ويعز المظلوم ، ويجمع الناس ، وهذا وليكم وهو يدعوكم لتنظروا فيما بينه وبين صاحبيه ، وهو المأمون على الأمة ، الفقيه في الدين ، فمن نهض إليه فإنا سائرون معه .
فلما فرغ سيحان قال عمار : " هذا ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام ، يستنفركم إلى زوجة رسول الله وإلى طلحة والزبير ، وإني أشهد أنها زوجته في الدنيا والآخرة ، فانظروا ثم انظروا في الحق ، فقاتلوا معه " . فقال له رجل : أنا مع من شهدت له بالجنة على من لم تشهد له فقال له الحسن : اكفف عنا يا عمار فإن للإصلاح أهلا . وقام الحسن رضي الله عنه ، فقال : أيها الناس أجيبوا دعوة أميركم ، وسيروا إلى إخوانكم ، فإنه سيوجد لهذا الأمر من ينفر غليه ، ووالله لأن يليه أولو النهى أمثل في العاجل والآجل ، وخيرٌ في العاقبة ، أجيبوا دعوتنا ، وأعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم ، وإن أمير المؤمنين يقول : " قد خرجت مخرجي هذا ظالماً أو مظلوماً ، وإني أذكر الله رجلاً رعى حق الله إلا نفر ، فإن كنت مظلوماً أعانني ، وإن كنت ظالماً أخذ منين والله إن طلحة والزبير لأول من بايعني وأول من عذر فهل استأثرت بمال أو بدلت حكماً ؟ " فانفروا ، فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر .

الصفحة 31