كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 314 """"""
ومات وله ثلاث وعشرون سنة ، وقال العتبي : سبع عشرة سنة . والله تعالى أعلم .
فلنذكر أخبار من بويع بالعراق وخراسان في زمن هذه الفتن ، بعد وفاة يزيد ابن معاوية وابنه معاوية بن يزيد إلى أن خلص الأمر بالحجاز والعراق وخراسان لعبد الله بن الزبير .
ذكر أخبار من بويع بالعراق أو لم يتم أمره إلى أن بويع لعبد الله بن الزبير وما كان بالعراق من الوقائع في خلال ذلك
كان أول من بويع بالعراق بعد وفاة يزيد بن معاوية عبيد الله بن زياد بن أبيه ، وذلك أنه لما أتاه الخبر بوفاة يزيد ، وبلغه ما الناس فيه بالشام من الاختلاف ، أمر فنودي : " الصلاة جامعة " ، فاجتمع الناس ، فصعد المنبر ، فنعى يزيد وعرض بثلبه ، لأن يزيد كان قد كرهه قبل موته ، وصرح بلعنه بسبب قتل الحسين بن علي ، حتى خافه عبيد الله على نفسه ، ثم قال عبيد الله : " يا أهل البصرة إن مهاجرنا إليكم ، ودارنا فيكم ، ومولدي فيكم ، ولقد وليتكم وما أحصي ديوان مقاتلتكم إلا سبعين ألف مقاتل ، ولقد أحصى اليوم ثمانين ألف مقاتل ، وما أحصى ديوان عمالكم إلا تسعين ألفاً ، ولقد أحصى اليوم مائة ألف وأربعين ألفاً ، وما تركت لكم ذا ظنة أخافه عليكم إلا وهو في سجنكم ، وإن يزيد قد توفي ، وقد اختلف الناس بالشام ، وأنتم اليوم أكثر الناس عدداً ، وأعرضه فناء ، وأغناه عن الناس ، وأوسعهم بلاداً ، فاختاروا لأنفسكم رجلاً ترضونه لدينكم وجماعتكم ، فأنا أول راضٍ بما رضيتموه لدينكم وجماعتكم ، فإن اجتمع أهل الشام على رجل ترضونه دخلتم فيما دخل فيه المسلمون ، وإن كرهتم ذلك كنتم على جديلتكم حتى تعطوا حاجتكم ، فما بكم إلى أحد من أهل البلدان جاحة ، وما يستغني الناس عنكم " .
فقام خطباؤكم ، وقالوا : قد سمعنا مقالتك ، وما نعلم أحداً أقوى عليها منك ، فهلم نبايعك ، فقال : لا حاجة لي في ذلك . فكرروا عليه وهو يأبى عليهم ثلاثاً ، ثم بسط يده فبايعوه ثم انصرفوا ومسحوا أيديهم بالحيطان ، وقالوا : أيظن ابن مرجانه إنا ننقاد له في الجماعة والفرقة .

الصفحة 314