كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 319 """"""
وكانت خوارج قد خرجوا فنزلوا بنهر الأساورة حين خرج عبيد الله إلى الشام ، فزعم الناس أن الأحنف بعث إليهم : إن هذا الرجل الذي قد دخل القصر هو لنا ولكم عدو ، فما يمنعكم منه فجاءت عصابة منهم حتى دخلوا المسجد ومسعود على المنبر يبايع من أتاه ، فرماه علج يقال له مسلم من أهل فارس ، كان قد دخل البصرة وأسلم ثم صار من الخوارج ، فأصاب قلبه فقتله ، فقال الناس : قتله الخوارج ، فخرج الأزد إلى تلك الخوارج ، فقتلوا منهم وجرحوا ، وطردوهم عن البصرة ، ثم قيل للأزد : إن تميماً قتلوا منهم مسعوداً ، فأرسلوا يسألون ، فإذا ناس من تميم تقوله ، فاجتمعت الأزد عند ذلك ، فرأسوا عليهم زياد بن عمرو أخا مسعود ، ومعهم مالك بن مسمع في ربيعة ، فأتته امرأة بمجمر فقالت : اجلس على هذا ، " أي إنما أنت امرأة " ، فخرج الأحنف في بني تميم ومعهم من بالبصرة من قيس ، فالتقوا ، فقتل منهم قتلى كثيرة ، فقال لهم بنو تميم : " يا معشر الأزد ، الله الله في دمائنا ودمائكم ، بيننا وبينكم القرآن ، ومن شئتم من أهل الإسلام ، فإن كانت لكم علينا بينة فاختاروا أفضل رجل فينا فاقتلوه ، وإن لم تكن لكم بينة فإنا نحلف بالله ما قتلنا ولا أمرنا ولا نعلم له قاتل ، وإن لم تريدوا ذلك فنحن ندي صاحبكم بمائة ألف درهم " . وسفر بينهم عبيد الله بن معمر وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فطلبوا عشر ديات ، فطلبوا عشر ديات ، فأجابهم الأحنف إلى ذلك ، واصطلحوا عليه .
قال : وأما عبد الله بن الحارث " ببه " فإنه أقام يصلي بالناس حتى قدم عليهم عمر بن عبيد الله أميراً من قبل ابن الزبير .
وقيل : كتب ابن الزبير إلى عمر بعهده على البصرة ، فأتاه الكتاب وهو متوجه إلى العمرة ، فكتب عمر إلى أخيه عبيد الله يأمره أن يصلي بالناس ، فصلى بهم حتى قدم عمر ، فبقي عمر أميراً شهراً ، ثم قدم الحارث بن عبيد الله بن أبي ربيعة المخزومي فعزله ووليها الحارث .
وقيل : بل اعتزل عبد الله بن الحارث " ببه " أهل البصرة بعد قتل مسعود ، فكتب أهل البصرة بعد قتل مسعود إلى ابن الزبير ، وكتب ابن الزبير إلى أنس بن مالك يأمره أن يصلي بالناس ، فصلى بهم أربعين يوماً .
هذا ما كان من أمر البصرة ، فلنذكر خبر أهل الكوفة .

الصفحة 319