كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 326 """"""
علام تقاتلون وقد هلك طاغيتكم ؟ فلم يصدقوهم ، فلما بلغ الحصين خبر موت يزيد بعث إلى ابن الزبير فقال : موعد ما بيننا الليلة الأبطح ، فالتقيا وتحادثا فراث فرس الحصين ، فجاء حمام الحرم يلتقط روث فرس الحصين ، فكف الحصين فرسه عن الحمام ، وقال : أخاف أن يقتل فرسي حمام الحرم ، فقال الزبير : تتحرجون من هذا وأنتم تقاتلون المسلمين في الحرم ، فكان فيما قال له الحصين : أنت أحق بهذا الأمر ، هلم فلنبايعك ، ثم اخرج معي إلى الشام ، فإن هذا الجند الذين معي هم وجوه أهل الشام وفرسانهم ، فوالله لا يختلف عليك اثنان ، وتؤمن الناس ، وتهدر الدماء التي كانت بيننا وبينك ، وبين أهل الحرة ، فقال له أنه لا أهدر الدماء ، والله لا أرضى أن أقتل بكل رجل منهم عشرة . وأخذ الحصين يكلمه سراً وهو يجهر ويقول : والله لا أفعل ، فقال الحصين : قبح الله من يعدك بعد هذا داهياً أو أريباً ، قد كنت أظن لك رأياً ، وأنا أكلمك سراً ، وتكلمني جهراً ، وأدعوك إلى الخلافة ، وتعدني القتل والهلكة ، ثم فارقه ورحل هو وأصحابه نحو المدينة .
وندم ابن الزبير على ما صنع ، فأرسل إلى الحصين يقول : أما المسير إلى الشام فلا أفعله ، ولكن بايعوا لي هناك ، فإني مؤمنكم وعادل فيكم ، فقال الحصين : إن لم تقدم بنفسك لا يمشي الأمر ، فإن هنالك ناساً من بني أمية يطلبون هذا الأمر ، وسار الحصين إلى المدينة فخرج معه بنو أمية إلى الشام .
وبويع عبد الله بن الزبير بمكة لسبع بقين من رجب سنة أربع وستين ، واجتمع لعبد الله بن الزبير الحجاز والكوفة والبصرة والجزيرة وأهل الشام ، إلا أهل أردن ومصر .
ثم بويع مروان بن الحكم بالشام ، فكان من أمره في وقعة مرج راهط ، ومسيره إلى مصر واستيلائه عليها ما نذكره إن شاء الله تعالى في أخباره .
ذكر فراق الخوارج عبد الله وما كان من أمرهم
وفي سنة أربع وستين فارق الخوارج الذين كانوا قدموا مكة عبد الله بن الزبير ، وكانوا قد قاتلوا معه أهل الشام .