كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 329 """"""
ذكر محاربة المهلب الخوارج وقتل أميرهم عبيد الله بن الماحوز
كان المهلب قد قدم من قبل عبد الله بن الزبير لولاية خراسان فخرج إليه أشراف أهل البصرة وكلموه في حرب الخوارج ، فأبى عليهم ، فكلمه الحارث بن ربيعة ، فاعتذر بولاية خراسان ، فوضع الحارث وأهل البصرة كتاباً عن ابن الزبير إلى المهلب يأمره بقتال الخوارج ، وأتوه به ، فلما قرأه ، قال : والله ما أسير إليهم إلا أن يجعلوا إلي ما غلبت عليه ، ويعطوني من بيت المال ما أقوى به من معي ، فأجابوه إلى ذلك . واختار المهلب من أهل البصرة اثني عشر ألفاً ، منهم محمد بن واسع ، وعبد الله بن رباح الأنصاري ، ومعاوية بن قرة المزني ، وأبو عمران الجوني وغيرهم . وخرج إلى الخوارج وهم عند الجسر الأصغر فحاربهم ودفعهم عنه ، وتبعهم حتى بلغوا الأهواز ، واقتتلوا هناك .
ودامت الحرب ، وقتل المعارك بن أبي صفرة أخو المهلب ، ثم هزم جيش المهلب وثبت هو ، فاجتمع عليه جماعة ممن انهزم ، ثم عادوا للقتال ، وأبلى بلاء حسناً فهزموه ، فبلغ بعض من معه البصرة وجاءت أهلها وأسرع المهلب حتى سبق المنهزمين إلى تل عال ، ثم نادى : إلى عباد الله ؛ فاجتمع إليه ثلاثة آلاف أكثرهم من قومه فعاد إلى الخوارج وقد أمنوا ، وسار بعضهم خلف الجيش الذي انهزم ، فأوقع بهم المهلب وقتل رئيسهم عبيد الله بن الماحوز ، فاستخلفوا الزبير بن الماحوز ، وعاد الذين تبعوا المنهزمين ، فوجدوا المهلب قد وضع لهم خيلاً فرجعوا منهزمين ، وأقام المهلب موضعه حتى قدم مصعب بن الزبير أميراً على البصرة من قبل أخيه عبد الله .
وقيل : كانت هذه الواقعة في سنة ست وستين ، وذلك أن المهلب لما دفع الخوارج عن البصرة إلى ناحية الأهواز أقام بقية سنته يجبي كور دجلة ورزق أصحابه ، وأتاه المدد من البصرة حتى بلغ ثلاثين ألفاً .
قال : ثم استعمل مصعب بن الزبير لما ولى العراق نائبه عمر بن عبيد الله بن معمر على فارس ، وولاه حرب الأزارقة بعد أن توجه المهلب إلى الموصل والجزيرة وأرمينية على ما تذكره إن شاء الله .

الصفحة 329