كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 332 """"""
فوجدنا الله كاذبين في كل موطن من مواطن ابن ابنة نبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، وقد بلغنا قبل ذلك كتبه ورسله ، وأعذر إلينا فسألنا نصره عوداً وبدءاً ، وعلانية وسراً ، فبخلنا عنه بأنفسنا حتى قتل إلى جانبنا ، لا نحن نصرناه بأيدينا ولا جدلنا عنه بألستنا ، ولا قويناه بأموالنا ، ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا ، فما عذرنا عند ربنا وعند لقاء نبينا ، وقد قتل فينا ولده وحبيبه ، وذريته ونسله لا والله لا عذر دون أن تقتلوا قاتله والموالين عليه أو تقتلوا في طلب ذلك ، فعسى ربنا أن يرضى عنا عند ذلك ، وما أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن ، أيها القوم ، ولوا عليكم رجلاً منكم ، فإنه لا بد لكم من أمير تفزعون إليه ، وراية تحفون بها .
فقام رفاعة بن شداد فقال : أما بعد فإن الله قد هداك لأصوب القول ، وبدأت بأرشد الأمور بدعائك إلى جهاد الفاسقين وإلى التوبة من الذنب العظيم ، فمسموع منك مستجاب إلى قولك ، وقلت : ولوا أمركم رجلاً تفزعون إليه وتحفون برايته ، وقد رأينا مثل الذي رأيت ، فإن تكن أنت ذلك الرجل تكن عندنا مرضياً وفينا مستنصحاً وفي جماعتنا محباً ، وإن رأيت ورأى ذلك أصحابنا ولينا هذا الأمر شيخ الشيعة صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وذا السابقة والقدم سليمان بن صرد المحمود في بأسه ودينه الموثوق بحزمه .
وتكلم عبد الله بن وأل وعبد الله بن سعد بنحو ذلك ، وأثنيا على سليمان والمسيب ، فقال المسيب : قد أصبتم فولوا أمركم سليمان بن صرد .
فتكلم سليمان بن صرد بكلام كثير حضهم فيه على القيام وطلب ثأر الحسين وقتل قتلته أو القتل دون ذلك .
وكتب إلى سعد بن حذيفة بن اليمان يعلمه بما عزموا عليه ويدعوه إلى مساعدتهم هو ومن معه من الشيعة بالمدائن ، فقرأ سعد الكتاب على من بالمدائن من الشيعة فأجابوا إلى ذلك .
وكتب سليمان أيضاً إلى المثنى فأجابه : إننا معشر الشيعة حمدنا الله على ما عزمتم عليه ، ونحن موافوك إن شاء الله للأجل الذي ضربت .
قال وكان أول ما ابتدءوا به أمرهم بعد قتل الحسين في سنة إحدى وستين ، فما زالوا في جمع آلة الحرب ودعاء الناس ، في السر إلى أن هلك يزيد بن معاوية في سنة أربع وستين ، فجاء إلى سليمان أصحابه فقالوا : قد مات هذا الطاغية ، والأمر

الصفحة 332