كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 334 """"""
فنهلك ، وتلك أمنيته ، وقد قدم عليكم أعدى خلق الله لكم ، من ولى عليكم هم وأبوه سبع سنين لا يقلعان عن قتل أهل العفاف والدين ، هو الذي قتلكم ومن قبله أتيتم ، والذي قتل من تنادون بدمه ، قد جاءكم فاستقبلوه بحدكم وشوكتكم واجعلوها به ولا تجعلوها بأنفسكم إني لكم ناصح .
وكان مروان بن الحكم قد بويع بالشام على ما نذكره ، وبعث عبيد الله بن زياد إلى الجزيرة ، وأمره إذا فرغ منها أن يسير إلى العراق .
قال : فلما فرغ عبد الله بن يزيد من كلامه قال إبراهيم بن محمد بن طلحة : أيها الناس ، لا يغرنكم من السيف والغشم مقالة هذا المداهن ، والله لئن خرج علينا خارج لنقتلنه ، ولئن استقينا أن قوماً يريدون الخروج علينا لنأخذن الوالد بولده والمولود بوالده والحميم بالحميم والعريف بما في عرافته ، حتى يدينوا للحق والطاعة .
فوثب إليه المسيب بن نجبة فقطع عليه منطقه ، ثم قال : يا ابن الناكثين ، أنت تهددنا بسيفك وحشمك أنت والله أذل من ذلك ، إنا لا نلومك على بغضنا وقد قتلنا أباك وجدك ، وأما أنت أيها الأمير فقد قلت قولاً سديداً ، فقال له إبراهيم والله لتقتلن ، وقد داهن هذا ، يعني عبد الله بن يزيد ، فقال عبد الله بن وأل : ما اعتراضك فيما بينا وبين أميرنا ؟ ما أنت علينا بأمير إنما أنت أمير هذه الجزية ، فأقبل على خراجك ، ولئن أفسدت أمر هذه الأمة فقد أفسده والداك ، وكانت عليهما دائرة السوء . فشتمهم جماعة ممن مع إبراهيم ، ونزل الأمير عن المنبر ، وتهدده إبراهيم بأنه يكتب إلى ابن الزبير يشكوه ، فجاءه عبد الله في منزله فاعتذر إليه ، فقبل عذره .
ثم خرج أصحاب سليمان بن صرد ينشرون السلاح ظاهرين إلى سنة خمس وستين ، فعزم سليمان على الشخوص ، وبعث إلى رءوس أصحابه وتواعدوا للخروج في مستهل شهر ربيع الآخر ، وخرجوا في ليلة الوعد إلى النخيلة ، فدار سليمان في الناس ، فلم يعجبه عددهم ، فأرسل سليمان إلى حكيم بن منقذ الكندي والوليد بن عضين الكناني فناديا في الكوفة يالثارات الحسين فكانا أول من دعا يا لثارات الحسين .
فأصبح من الغد وقد أتاه نحو مما في عسكره ، ثم نظر في ديوانه فوجدهم ستة عشر ألفاً بايعه ، فقال : سبحان الله ما وافانا من ستة عشر ألفاً إلا أربعة آلاف فقيل له إن المختار يثبط الناس عنك وقد تبعه ألفان ، فقال : بقي عشرة آلاف ما هؤلاء بمؤمنين .