كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 335 """"""
فأقام بالنخيلة ثلاثاً ، يبعث إلى من تخلف عنه ، فخرج إليه نحو من ألف رجل ، فقام المسيب بن نجبة ، فقال : رحمك الله ، إنه لا ينفعك الكلام ، ولا يقاتل معك إلا من أخرجته النية ، فلا تنتظرن أحداً ، وخذ في أمرك ، قال : نعم ما رأيت . ثم قام سليمان في أصحابه فقال : أيها الناس ، من كان إنما خرج إرادة وجه الله وثواب الآخرة فذلك منا ونحن منه ، فرحمة الله عليه حياً وميتاً ، ومن كان يريد الدنيا فوالله ما يأتي فيء نأخذه ولا غنيمة نغنمها ، ما خلا رضوان الله ، وما معنا من ذهب ولا فضة ولا متاع ، ما هو إلا سيوفنا على عواتقنا ، وزاد قدر البلغة ، فمن كان ينوي غير هذا فلا يصحبنا .
فتنادى أصحابه من كل جانب : إنا لا نطلب الدنيا ، وليس لها خرجنا ، إنما خرجنا لنطلب التوبة والطلب بدم ابن بنت نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) .
فلما عزم على المسير قال له عبد الله بن سعد بن نفيل : إني قد رأيت رأياً ، إن يكن صواباً فالله الموفق ، وإن يكن ليس بصواب فالرأي ما تراه ، إنا خرجنا نطلب بدم الحسين ، وقتلته كلهم بالكوفة ، منهم عمرو بن سعد ورءوس الأرباع والقبائل ، فأين تذهب من ههنا وتدع الأوتار . فقال أصحابه : هذا هو الرأي .
فقال سليمان : أنا لا أرى ذلك ، إن الذي قتله وعبأ الجنود إليه وقال : لا أمان له عندي دون أن يستسلم فأمضي فيه حكمي ، هذا هو الفاسق ابن الفاسق ، عبيد الله بن زياد ، فسيروا على بركة الله إليه ، فإن يظهركم الله عليه رجونا أن يكون من بعده أهون منه ، ورجونا أن يدين لكم أهل مصركم في عافيته ، فينظرون إلى كل من شرك في دم الحسين فيقتلونه ولا يغشون ، وإن تستشهدوا فإنما قاتلتم المحلين ، وما عند الله خير للأبرار ، فاستخيروا الله وسيروا .
وبلغ عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة خروج ابن صرد ، فأتياه في أشراف أهل الكوفة ، ولم يصحبهم من له شرك في دم الحسين خوفاً منهم ، فلما أتياه قال له عبد الله بن يزيد : إن المسلم أخو المسلم ، لا يخونه ولا يغشه ، وأنتم إخواننا وأهل بلدنا وأحب أهل مصر خلقه الله إلينا ، فلا تفجعونا في أنفسكم ، ولا تنقصوا عددنا بخروجكم من جماعتنا ، أقيموا معنا حتى نتهيأ فإذا سار عدونا إلينا خرجنا إليه بجماعتنا فقاتلناه . وجعل لسليمان وأصحابه خراج جوخى إن أقاموا ، وقال إبراهيم