كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 337 """"""
وبعث المسيب بن نجبة في أربعمائة فارس ، وقال : سر حتى تلقى أول عساكرهم ، فشن عليهم الغارة ، فإن رأيت ما تحب وإلا فارجع . فسار يومه وليلته ، ثم نزل ، فأتى بأعرابي ، فسأله عن أدنى العسكر منه ، فقال : أدناها منك عسكر شرحبيل بن ذي الكلاع ، وهو على ميل ، وقد اختلف هو والحصين ، ادعى كل واحد منهما أنه على الجماعة ، وهما ينتظران أمر عبيد الله .
فسار المسيب ومن معه مسرعين ، حتى أشرفوا على القوم ، وهم على غير أهبة ، فحملوا في جانب عسكرهم ، فانهزم العسكر ، فأصاب المسيب منهم رجالاً وأكثروا فيهم الجراح ، وأخذوا دواب ، وترك الشاميون معسكرهم وانهزموا ، فغنم أصحاب المسيب ما أرادوا ، ثم انصرفوا إلى سليمان .
وبلغ الخبر ابن زياد ، فسرح الحصين في اثني عشر ألفاً ، فخرج أصحاب سليمان إليه ، لأربع بقين من جمادى الأولى ، وعلى ميمنتهم عبد الله بن سعد ، وعلى ميسرتهم المسيب ، وسليمان في القلب . وجعل الحصين على ميمنته جبلة بن عبد الله ، وعلى ميسرته ربيعة بن المخارق الغنوي .
فلما دنا بعضهم من بعض دعاهم أهل الشام إلى الجماعة على مروان بن الحكم ، ودعاهم أصحاب سليمان إلى خلع مروان وتسليم عبيد الله بن زياد إليهم وأنهم يخرجون من بالعراق من أصحاب عبد الله بن الزبير ثم يرد الأمر إلى أهل بيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأبى كل منهم ، وحمل بعضهم على بعض ، فانهزم أهل الشام وكان الظفر لأصحاب سليمان إلى الليل .
فلما كان الغد صبح الحصين ثمانية آلاف أمده بهم عبيد الله ، فقاتلهم أصحاب سليمان عامة النهار قتالاً شديداً لم يحجز بينهم إلا الصلاة حتى حجز بينهم الليل ، وقد كثر الجراح في الفريقين .
فلما أصبح أهل الشام أتاهم أدهم بن محرز الباهلي في نحو من عشرة آلاف من قبل ابن زياد ، فاقتتلوا يوم الجمعة إلى ارتفاع الضحى ، ثم كثر أهل الشام عليهم ، وعطفوا من كل جانب ، فنزل سليمان ونادى : عباد الله ، من أراد البكور إلى ربه والتوبة من ذنبه فإلي . ثم كسر جفن سيفه ، فنزل معه ناس كثير وفعلوا كفعله ، وقاتلوا قتالاً شديداً ، فقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة وأكثروا فيهم الجراح ، فبعث الحصين الرجالة ترميهم بالنبل ، واكتنفتهم الخيل ، فقتل سليمان بن صرد ، رماه يزيد بن

الصفحة 337