كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 339 """"""
فقال رفاعة نعم ما رأيت وأخذ الراية ، وقاتلهم قتالاً شديداً وتقدم عبد الله بن عزيز الكناني فقاتل أهل الشام قتالاً شديداً ، ومعه ولده محمد وهو صغير ، فسلمه لبني كنانة من أهل الشام ليوصلوه إلى الكوفة ، فعرضوا عليه الأمان ، فأبى ، ثم قاتلهم حتى قتل .
وتقدم كريب بن زيد الحمير عند المساء في مائة من أصحابه فقاتل قتالاً شديداً ، فعرض ابن ذي الكلاع عليه وعلى أصحابه الأمان ، فقال قد كنا آمنين في الدنيا وإنما خرجنا نطلب أمان الآخرة .
وتقدم صخير بن هلال المزني في ثلاثين من مزينة ، فقاتلوا حتى قتلوا .
فلما أمسوا رجع أهل الشام إلى معسكرهم ، وسار رفاعة بالناس ليلته ، وأصبح الحصين فلم يرهم ، فما بعث في أثرهم ، وساروا حتى أتوا قرقيسيا فأقاموا عند زفر بن الحارث ثلاثاً ، ثم زودهم وساروا إلى الكوفة .
وأما سعد بن حذيفة بن اليمان فإنه سار من المدائن بمن معه حتى بلغ هبت ، فأتاه الخبر ، فرجع فلقي المثنى بن مخرمة العبدي في أهل البصرة ، فأخبره ، فأقاموا بصندوداء حتى أتاهم رفاعة ، فاستقبلوه ، وبكى بعضهم إلى بعض ، وأقاموا يوماً وليلة ، ثم تفرقوا ، فسارت كل طائفة منهم إلى جهتهم .
قال : ولما بلغ رفاعة الكوفة كان المختار بن أبي عبيد محبوساً ، فأرسل إليه المختار : " أما بعد فإنكم خرجتم بالعصبة الذين عظم الله لهم الأجر حين انصرفوا ورضي فعلهم حتى قتلوا ، أما ورب البيت ما خطا خاط منكم خطوة ولا ربا ربوة إلا كان ثواب الله له أعظم من الدنيا ، إن سليمان قد قضى ما عليه ، وتوفاه الله فجعل روحخ مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، ولم يكن بصاحبكم الذي به تنتصرون إني أنا الأمير المأمور والأمين المأمون ، وقاتل الجبارين ، والمنتقم من أعداء الدين ، والمقيد من الأوتار ، فأعدوا واستعدوا وأبشروا ، وأدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ، والطلب بدم أهل البيت ، والدفع عن الضعفاء ، وجهاد المحلين ، والسلام " .
وكان من أمر المختار ما نذكره إن شاء الله تعالى .

الصفحة 339