كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 34 """"""
الكبير " قالت عائشة فما تقول أنت قال " إن هذا الأمر دواؤه التسكين ، فإذا سكن اختلجوا ، فإن أنتم بايعتمونا فعلا خير وتباشير رحمة ودرك بثأر ، وإن أبيتم إلا مكابرة هذا الأمر واعتسافه كانت علامة شر وذهاب هذا الثأر ، فآثروا العافية ترزقوها ، وكونوا مفاتيح خير كما كنتم ، ولا تعرضونا للبلاء فتتعرضوا له فيصرعنا وإياكم ، وايم الله إني لأقول هذا القول وأدعوكم إليه وإني لخائف أن لا يتم حتى يأخذ الله حاجته من هذه الأمة التي قل متاعها ونزل بها ما نزل ، فإن هذا الأمر الذي حدث أمرٌ ليس يقدر ، وليس كقتل الرجل الرجل ولا النفر الرجل ولا القبيلة الرجل قالوا : " قد أصبت وأحسنت ، فارجع ، فإن قدم عليٌ وهو على مثل رأيك صلح هذا الأمر " .
فرجع إلى علي ، فأخبره ، فأعجبه ذلك ، وأشرف القوم على الصلح ، كره ذلك من كرهه ، ورضيه من رضيه .
وأقبلت وفود العرب من أهل البصرة نحو علي بذي قار ، قبل رجوع القعقاع ، لينظروا ما رأى إخوانهم من أهل الكوفة ، وعلى أي حالٍ نهضوا إليهم ، وليعلموهم أن الذي عليه رأيهم الإصلاح ، ولا يخطر لهم قتالهم على بال .
فلما لقوا عشائرهم من أهل الكوفة قال لهم الكوفيون مثل مقالتهم ، وأدخلوهم على عليٍ فأخبروه بخبرهم .
ورجعت وفود أهل البصرة برأي أهل الكوفة ، ورجع القعقاع من البصرة .
فقام علي رضي الله عنه خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر الجاهلية وشقاءها ، والإسلام والسعادة ، وإنعام الله على الأمة والجماعة بالخليفة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه ، ثم حدث هذا الحدث الذي جره على هذه الأمة أقوام طلبوا هذه الدنيا وحسدوا من أفاءها الله عليه وعلى الفضيلة التي من الله بها ، وأرادوا رد الإسلام والأشياء على أدبارها ، والله بالغ أمره .
ثم قال : ألا وإني راحل غداً ، فارتحلوا ، ولا يرتحل معنا أحدٌ أعان على عثمان بشيءٍ من أمور الناس ، وليغن السفهاء عني أنفسهم . والله أعلم بالصواب .
ذكر اجتماع قتلة عثمان بذي قار وتشاورهم وما اتفقوا عليه من المكيدة التي اقتضت نقض الصلح ووقوع الحرب
قال : ولما قال علي رضي الله عنه مقالته بذي قار ، وأمر أن لا يرتحل معه أحد

الصفحة 34