كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 36 """"""
السوداء : قد قال قولا .
وقال شريح بن أبي أوفي : " أبرموا أمركم قبل أن يخرجوا ، ولا تؤخروا أمراً ينبغي لكم تعجيله ، ولا تعجلوا أمراً ينبغي لكم تأخيره ، فإنا عند الناس بشر المنازل ، ولا أدري ما الناس صانعون إذا ما هم التقوا " وقال ابن السوداء : " يا قوم ، إن عزكم في خلط الناس ، فإذا التقى الناس غداً فأنشبوا القتال ، ولا تفرغوهم للنظر ، فمن أنتم معه لا يجد بداً من أن يمتنع ، ويشغل الله علياً وطلحة والزبير ومن رأى رأيهم عما تكرهون " فأبصروا الرأي ، وتفرقوا عليه ، والناس لا يشعرون .
ذكر مسير علي رضي الله عنه ومن معه من ذي قار إلى البصرة ووقعة الجمل
قال : ولما أصبح علي رضي الله عنه سار من ذي قار وسار معه الناس حتى نزل على عبد القيس ، فانضموا إليه ، ثم سار فنزل الزاوية ، وسار من الزاوية يريد البصرة ، وسار طلحة والزبير وعائشة من الفرضة ، فالتقوا عند موضع قصر عبيد الله بن زياد ، وذلك في النصف من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين ، حكاه ابن الأثير ، وقال أبو جعفر : كانت وقعة الجمل في يوم الخميس لعشرٍ خلون من جمادى الآخر سنة ست وثلاثين .
وسبق علي أصحابه ، وهم يتلاحقون به ، فلما نزل قال أبو الجرباء للزبير : الرأي أن تبعث الآن ألف فارس إلى علي قبل أن يتوافى إليه أصحابه . فقال : " إنا لنعرف أمور الحرب ، ولكنهم أهل دعوتنا ، وهذا أمر حدث لم يكن قبل اليوم ، من لم يلق الله فيه بعذر انقطع عذره يوم القيامة وقد فارقنا وافدهم على أمر ، وأنا أرجو أن يتم لنا النصح ، فأبشروا ، واصبروا . " .
وأقبل صبرة بن شيمان وقال لطلحة والزبير : انتهزا بنا هذا الرجل ، فإن الرأي

الصفحة 36