كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 39 """"""
وقيل إنه قال له كيف أرجع وقد التقت حلقتا البطان ؟ هذا والله العار الذي لا يغسله الدهر قال يا زبير ارجع بالعار خير من أن ترجع بالعار وبالنار .
فرجع الزبير إلى عائشة فقال لها : يا أماه ، ما شهدت موطناً إلا ولي فيه رأيٌ وبصيرة غير موطني هذا قالت : وما تريد أن تصنع قال : أدعهم وأذهب ، ثم قال لابنه عبد الله : عليك بحربك وأما أنا فأرجع إلى بيتي . فقال له : ما يردك ؟ قال : ما لو علمته لكسرك .
فقال له ابنه : بل رأيت عيون بني هاشم تحت المغافر فراعتك ، وعلمت أن سيوفهم حدادٌ تحملها فتيةٌ أنجاد . فغضب الزبير ثم قال : أمثلي يفزع بهذا ؟ وأحفظه ذلك ، وقال إني حلفت إلا أقاتله .
قال : فكفر عن يمينك وقاتله ، فأعتق غلامه مكحولاً ، وقيل : أعتق سرجس .
ففي ذلك يقول عبد الرحمن بن سليمان التميمي :
لم أر كاليوم أخا إخوان . . . أعجب من مكفّر الأيمان
في أبيات أخر .
وقيل : إن الزبير نزع سنان رمحه ، وحمل على جيش علي ، فقال علي لأصحابه : أفرجوا له فإنه قد أغضب ، وإنه منصرفٌ عنكم فقالوا : إذن والله لا نبالي بعد رجوعه بجمعهم وما كنا نتقي سواه . وقيل : إنما الزبير عاد عن القتال لما سمع أن عمار بن ياسر مع علي ، فخاف أن يقتل عمار ، وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " يا عمار تقتلك الفئة الباغية " فرده ابنه عبد الله .
وافترق أهل البصرة ثلاثة فرق : فرقة مع طلحة والزبير وفرقة مع علي ، وفرقة لا ترى القتال ، منهم الأحنف بن قيس وعمران بن حصين .

الصفحة 39