كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 42 """"""
وقال له : أتقتلني يا أبا اليقظان ؟ قال : لا يا أبا عبد الله وإنما كف الزبير عنه لقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " تقتل عمار بن ياسر الفئة الباغية " ، ولولا ذلك لقتله .
قال : ثم اعتزل الزبير الحرب وانصرف ، وصليها طلحة ، فأصابه سهم غرب شك رجله بصفحة الفرس ، ثم دخل البصرة ومات بها .
وسنذكر إن شاء الله أخباره وأخبار الزبير بعد نهاية وقعة الجمل .
وانهزم القوم يريدون البصرة ، فلما رأوا الخيل أطافت بالجمل عادوا قلبا كما كانوا حيث التقوا وعادوا في أمر جديد .
فقالت عائشة لكعب بن سور وهو آخذ بخطام الجمل : خل عن الجمل وتقدم بالمصحف فادعهم إليه . وناولته مصحفاً من هودجها فاستقبل القوم بالمصحف ، والسبئية أمامهم يخافون أن يجري الصلح ، فرشقوه رشقاً واحداً ، فقتلوه ورموا أم المؤمنين في هودجها ، فجعلت تنادي : " البقية البقية يا بني " ويعلو صوتها " الله الله اذكروا الله والحساب " فيأبون إلا إقداما ، فكان أول شيء أحدثته حين أبوا أن قالت : " أيها الناس العنوا قتلة عثمان وأشياعهم " وأقبلت تدعو ، فضج الناس بالدعاء ، فسمع علي فقال : ما هذه الضجة ؟ قالوا : عائشة تدعو على قتلة عثمان وأشياعهم . فقال : اللهم العن قتلة عثمان وأرسلت إلى عبد الرحمن بن عتاب وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام : أن اثبتا مكانكما . وحرضت الناس حين رأت القوم يريدونها ولا يكفون ، فحملت مضر البصرة حتى قصفت مضر الكوفة ، حتى زحم علي ، فنخس قفا محمدٍ ابنه ، وكانت الراية معه ، وقال له : احمل . فتقدم حتى لم يجد متقدماً إلا على سنان رمح ، فأخذ علي الراية من يده ، وقال : يا بني بين يدي . وحملت مضر الكوفة فاجتلدوا قدام الجمل حتى ضرسوا ، والمجنبات على حالها لا تصنع شيئاً ، واشتدت الحرب ، فأصيب زيد بن صوحان ، وأخوه سيحان ، وارتث أخوهما صعصعة ، فلما رأى علي ذلك بعث إلى ربيعة وإلى اليمن : أن اجمعوا من يليكم .

الصفحة 42