كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 46 """"""
هتكت له بالرمح جيب قميصه . . . فخرّ صريعاً لليدين وللفم
يذكّرني حاميم والرمح شاجرٌ . . . فهلاّ تلا حاميم قبل التقدّم
على غير شيءٍ غير أن ليس تابعاً . . . علياً ، ومن لا يتبع الحقّ يندم
قال : وأخذ الخطام عمرو بن الأشرف ، فجعل لا يدنو منه أحدٌ إلا خبطه بالسيف ، فأقبل إليه الحارث بن زهير وهو يقول :
يا أمّنا يا خير أمّ نعلم
أما ترين كم شجاعٍ يكلم
وتختلى هامته والمعصم فاختلفا ضربتين ، فقتل كل واحد منهما صاحبه . وأحدق أهل النجدات والشجاعة بعائشة ، فكان لا يأخذ الخطام أحدٌ إلا قتل ، وكان لا يأخذه والراية إلا معروفٌ ، فينتسب : " أنا فلان بن فلان " ، فإن كانوا ليقاتلون عليه وإنه للموت لا يوصل إليه إلا بطلبة وما رامه أحدٌ من أصحاب علي إلا قتل أو أفلت ثم لم يعد ، وحمل عدي بن حاتم عليهم ففقئت عينه . وجاء عبد الله بن الزبير ولم يتكلم ، فقالت عائشة : من أنت ؟ قال ابنك وابن أختك . قالت : واثكل أسماء فانتهى إليه الأشتر فضربه الأشتر على رأسه ، فجرحه جرحاً شديداً ، وضربه عبد الله ضربةً خفيفة ، واعتنق كل واحد منهما صاحبه ، وسقطا على الأرض يعتركان ، فقال عبد الله بن الزبير : " اقتلوني ومالكاً " فلو يعلمون من " مالكٌ " لقتلوه ، إنما كان يعرف بالأشتر ، فحمل أصحاب علي وعائشة فخلصوهما .

الصفحة 46