كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 48 """"""
وقيل : لما سقط الجمل أقبل محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر إليه ، فاحتملا الهودج ، فنحياه ، فأدخل محمد يده فيه ، فقالت : من هذا ؟ قال : أخوك البر قالت : عقق قال : يا أخية هل أصابك شيء ؟ قالت : ما أنت وذاك ؟ قال : فمن إذاً الضلال ؟ قالت : بل الهداة وقال لها عمار : كيف رأيت بنيك اليوم يا أماه ؟ قالت : لست لك بأم قال : بلى وإن كرهت .
قالت : فخرتم أن ظفرتم وأتيتم مثل الذي نقمتم هيهات والله لن يظفر من كان هذا دأبه فأبرزوا هودجها ، فوضعوها ليس قربها أحد .
وأتاها علي فقال : كيف أنت يا أمه ؟ قالت : بخير . قال : يغفر الله لك . قالت : ولك .
وجاء أعين بن ضبيعة المجاشعي حتى اطلع في الهودج ، فقالت إليك لعنك الله فقال : والله ما أرى إلا حميراء . فقالت هتك الله سترك وقطع يدك وأبدى عورتك فقتل بالبصرة وسلب وقطعت يده ورمي عريانا في خربةٍ من خربات الأزد .
ثم أتى وجوه الناس إلى عائشة ، وفيها القعقاع بن عمرو ، فسلم عليها ، فقالت : والله لوددت أنى مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة وكان علي يقول بعد الفراغ من القتال :
إليك أشكو عجري وبجري
ومعشراً أعشوا عليّ بصري
قتلت منهم مضري بمضري
شفيت نفسي وقتلت معشري
قال : ولما كان الليل أدخل محمد بن أبي بكر عائشة البصرة ، فأنزلها في دار عبد الله بن خلف الخزاعي - وهي أعظم دارٍ في البصرة - على صفية بنت الحارث بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى ، وهي أم طلحة الطلحات بن عبد الله بن خلف .
وتسلل الجرحى من بين القتلى فدخلوا البصرة .

الصفحة 48