كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 52 """"""
وهو رضي الله عنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين مات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو عنهم راضٍ .
وآخى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بينه وبين كعب بن مالك حين آخى بين المهاجرين والأنصار ، وقسم له سهمه وأجره يوم بدر . وقد تقدم خبره في ذلك .
ثم شهد أحداً وما بعدها ، وأبلى يوم أحدٍ بلاءً حسنا ، ووقى رسول الله عليه الصلاة والسلام بنفسه ، اتقى عنه النبل بيده حتى شلت إصبعه وضرب في رأسه ، وحمل رسول الله عليه الصلاة والسلام على ظهره حتى صعد الصخرة ، فقال عليه السلام لأبي بكر رضي الله عنه : " اليوم أوجب طلحة يا أبا بكر " .
ويروى أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نظر إليه فقال : " من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة " .
وحكى أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله فقال : زعم بعض أهل العلم أن عليا رضي الله عنه دعاه يوم الجمل ، فذكره أشياء من سوابقه وفضله ، فرجع طلحة عن قتاله ، على نحو ما صنع الزبير واعتزل في بعض الصفوف ، فرمى بسهم ، فقطع من رجله عرق النسا ، فلم يزل دمه ينزف حتى مات . ويقال : إن السهم أصاب ثغرة نحره ، وغن الذي رماه مروان بن الحكم وقال : لا أطلب بثأري بعد اليوم . وذلك أن طلحة - فيما زعموا - كان ممن حاصر عثمان واشتد عليه .
قال ابن عبد البر : ولا يختلف العلماء في أن مروان بن الحكم قتل طلحة يومئذ ، واستدل على ذلك بأخبار رواها من قول مروان تدل على أنه قاتله .
قال : وقد روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : والله لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير ممن قال الله تبارك وتعالى فيهم : ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سررٍ متقابلين .

الصفحة 52