كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 53 """"""
وروى أبو عمر بسنده إلى قيس بن أبي حازم قال : رمى مروان طلحة يوم الجمل بسهم في ركبته ، فجعل الدم يسيل ، فإذا أمسكوه استمسك وإذا تركوه سال ، فقال : دعوه فإنما هو سهم أرسله الله . قال فمات ، فدفناه على شاطئ الكلاء ، فرأى بعض أهله أنه أتاه في المنام فقال : " ألا تريحونني من هذا الماء فإني قد غرقت " ثلاث مرار يقولها ، قال : فنبشوه فإذا هو أخضر كأنه السلق فنزحوا عنه الماء ، فاستخرجوه ، فإذا ما يلي الأرض من لحيته ووجهه قد أكلته الأرض ، فاشتروا له داراً من دور آل أبي بكر بعشرة آلاف ، فدفنوه فيها .
وروى أيضاً بسنده إلى علي بن زيد عن أبيه أن رجلاً رأى فيما يرى النائم أن طلحة بن عبيد الله قال : " حولوني عن قبري فقد آذاني الماء ؟ " ثم رآه ، حتى رآه ثلاث ليال ، فأتى ابن عباس فأخبره ، فنظروا فإذا شقة الذي يلي الأرض في الماء فحولوه ، قال : فكأني أنظر إلى الكافور في عينيه لم يتغير إلا عقيصته فإنها مالت عن موضعها . وقتل رضي الله عنه وهو ابن ستين سنة ، وقيل : ابن اثنتين وستين ، وذلك يوم الجمل ، لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين . وكان رضي الله عنه رجلاً آدم ، حسن الوجه ، كثير الشعر ، ليس بالجعد القطط ولا بالسبط وكان لا يغير شعره .
وسمع علي رجلاً ينشد :
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه . . . إذا ما هو استغنى ، ويبعده الفقر
فقال : ذاك أبو محمد طلحة بن عبيد الله .
وحكى الزبير أنه سمع سفيان بن عيينة يقول : كانت غلة طلحة بن عبيد الله ألفاً وافياً كل يوم ؟ ؟ ؟ قال : والوافي وزنه وزن الدينار ، وعلى ذلك وزن دراهم فارس التي تعرف بالبغلة .

الصفحة 53