كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 57 """"""
كمكان القادسية من الكوفة لقيه النعر رجل من بني مجاشع فقال : " أين تذهب يا حواري رسول الله ؟ إلي ، فأنت في ذمتي لا يوصل إليك " ، فأقبل معه ، وأتى إنسان الأحنف فقال : هذا الزبير قد لقي بسفوان ، فقال الأحنف : " ما شاء الله كان ، قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعضٍ بالسيوف ، ثم يلحق ببيته وأهله " فسمعه عميرة بن جرموزٍ وفضالة بن حابس ونفيعٌ في غواة من غواة بني تميم ، فركبوا في طلبه ، فلقوه مع النعر ، فأتاه عميرة بن جرموزٍ من خلفه وهو على فرسٍ له ضعيفة فطعنه طعنةً خفيفة ، وحمل عليه الزبير على فرس له يقال له " ذو الخمار " ، حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه : " يا نفيع يا فضالة " فحملوا عليه حتى قتلوه . . . قال : وهذا أصح مما تقدم .
وكان مقتله يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين .
وكانت سنه يوم قتل سبعاً وستين سنة ، وقيل ستاً وستين .
وكان الزبير رضي الله أسمر ربعةً معتدل اللحم خفيف اللحية .
وقال حسان بن ثابت يمدح الزبير ويفضله :
أقام على عهد النبيّ وهديه . . . حواريّه والقول بالفعل يعدل
أقام على منهاجه وطريقه . . . يوالي وليّ الحقّ والحقّ أعدل
هو الفارس المشهور والبطل الذي . . . يصول إذا ما كان يومٌ محجّل
وإنّ امرأً كانت صفية أمه . . . ومن أسدٌ في بيته لمرفّل
له من رسول الله قربى قريبةٌ . . . ومن نصرة الإسلام مجدٌ مؤثل
فكم كرّةٍ ذبّ الزّبير بسيفه . . . عن المصطفى والله يعطي ويجذل
إذا كشفت عن ساقها الحرب حشّها . . . بأبيض سبّاقٍ إلى الموت يرقل
فما مثله فيهم ولا كان قبله . . . وليس يكون الدّهر ما دام يذبل

الصفحة 57