كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 60 """"""
وذلك أنه لما فرغ على رضي الله عنه من حرب الجمل أقام بالبصرة ، ثم انتقل إلى الكوفة ، وأرسل إلى جرير بن عبد الله البجلي - وكان عثمان قد استعمله على همذان - وإلى الأشعث بن قيس - وكان على أذربيجان - فأمرهما بأخذ البيعة والحضور إليه ، ففعلا ذلك .
وأراد علي أن يرسل إلى معاوية رسولا ، فقال جرير : أرسلني إليه فقال الأشتر لعليك لا تفعل فإن هواه مع معاوية فقال علي دعه حتى ننظر ما يرجع به .
فبعثه ، وكتب معه إلى معاوية يعلهم باجتماع المهاجرين والأنصار عليه ، وما كان من نكث طلحة والزبير وحرب الجمل ، ودعاه إلى البيعة والدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار .
فلما قدم جريرٌ على معاوية ماطله بالجواب ، واستشار عمرو بن العاص ، وكان قد قدم عليه وانضم إليه ، على ما نذكر ذلك إن شاء الله في أخبار معاوية ، فأشار عمروٌ عليه أن يجمعه أهل الشام ويلزم علياً دم عثمان ، ففعل ، فأجمع أهل الشام على حرب علي .
فعاد جرير إلى علي وأعلمه ذلك ، وأن أهل الشام يبكون على عثمان ويقولون : إن عليا قتله ، وآوى قتلته ، وإنهم لا ينتهون عنه حتى يقتلهم أو يقتلوه . فقال الأشتر لعلي : كنت نهيتك عن إرسال جرير ، وأخبرتك بعداوته وغشه ، فأبيت إلا إرساله . ثم تقاول الأشتر وجرير مقاولةً أدت إلى مفارقة جرير لعلي ولحاقه بمعاوية .
قال : وخرج علي رضي الله عنه ، فعسكر بالنخيلة ، وتخلف عنه نفرٌ من أهل الكوفة ، منهم ميسرة الهمداني ومسعود أخذا أعطياتهما وقصدا قزوين .
وقدم عليه عب الله بن عباس في أهل البصرة . وبلغ ذلك معاوية ، فاستشار عمرو بن العاص ، فقال له : " أما إذا سار علي بنفسه في الناس فسر بنفسك ، ولا تغب عنه برأيك ومكيدتك . " فتجهز معاوية بأهل الشام ، وقد حرضهم عمرو وضعف علياً وأصحابه ، وقال : " إن أهل العراق قد فرقوا جمعهم ووهنوا شوكتهم ، وفلوا حدهم ، زأهل البصرة مخالفون لعلي بمن قتل منهم ،

الصفحة 60