كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 62 """"""
عودهما أنهما أخذا من الكوفة على شاطئ الفرات مما يلي البر ، فلنا بلغا " عانات " بلغهما أن معاوية قد أقبل في جنود الشام ، فقالا : " والله ما هذا لنا برأي ، أن نسير وبيننا وبين المسلمين وأمير المؤمنين هذا البحر ، وما لنا خير أن نلقى جنود الشام بقلة من معنا " فذهبوا ليعبروا من عانات ، فمنعهم أهلها ، فرجعوا حتى عبروا من هيت ، فلحقوا عليا دون قرقيسيا ، فقال علي : مقدمتي تأتيني من ورائي فأخبره شريح وزياد بما كان ، فقال : سددتما . فلما عبر الفرات سيرهما أمامه .
فلما انتهيا إلى سور الروم ليقيهما أبو الأعور السلمي في جند من أهل الشام ، فأرسلا إلى علي فأعلماه .
فأرسل علي إلى الأشتر ، وأمره بالسرعة ، وقال : " إذا قدمت فأنت عليهم ، وإياك أن تبدأ القوم بقتال إلا أن يبدؤوك ، حتى تلقاهم فتدعوهم ، وتسمع منهم ، ولا يحملك بغضهم على قتالهم قبل دعائهم والإعذار إليهم مرة بعد مرة ، واجعل على ميمنتك زياداً ، وعلى ميسرتك شريحاً ، ولا تدن منهم دنو من يريد أن ينشب الحرب ، ولا تباعد تباعد من يهاب البأس ، حتى أقدم عليك ، فإني حثيث السير في أثرك إن شاء الله تعالى " . وكتب إلى شريح وزياد بذلك ، وأمرهما بطاعة الأشتر . .
فسار الأشتر حتى قدم عليهم ، وكف عن القتال ، ولم يزالوا متوقفين حتى إذا كان المساء حمل عليهم أبو الأعور ، فثبتوا له واضطربوا ساعة ، ثم انصرف أهل الشام ، وخرج إليهم من الغد هاشم بن عتبة المرقال ، وخرج إليه أبو الأعور ، فاقتتلوا يومهم ، وصبر بعضهم لبعض ، ثم انصرفوا ، محمل عليهم الأشتر ، وقال أروني أبا الأعور فتراجعوا ، ووقف أبو الأعور وراء المكان الذي كان فيه أول مرة ،

الصفحة 62