كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 63 """"""
وجاء الأشتر فصف أصحابه مكان أصحاب أبي الأعور بالأمس ، وقال الأشتر لسنان بن مالك النخعي : انطلق إلى أبي الأعور فادعه إلى البراز . فقال : إلى مبارزتي أو مبارزتك ؟ فقال : للأشتر لو أمرتك بمبارزته لفعلت . قال : " نعم والله لو أمرتني أن أعترض صفهم بسيفي لفعلت . فدعا له ، وقال : إنما تدعو لمبارزتي . فخرج إليهم فقال : أمنوني فإني رسول . فأمنوه ، فانتهى إلى أبي الأعور فقال له : إن الأشتر يدعوك إلى أن تبارزه . فسكت طويلاً ثم قال : إن خفة الأشتر وسوء رأيه حملاه على إجلاء عمال عثمان عن العراق وتقبيح محاسنه ، وعلى أن سار إليه في داره حتى قتله وأصبح متعباً بدمه ، لا حاجة لي في مبارزته . فقال له سنانٌ : قد قلت فاستمع مني أجبك . قال : لا حاجة لي في جوابك ، اذهب عني . فصاح به أصحابه ، فانصرف عنه ، ورجع إلى الأشتر فأخبره ، فقال : لنفسه نظر . فوقفوا حتى حجز الليل بينهم وعاد ، الشاميون من الليل .
وأصبح علي رضي الله عنه غدوةً عند الأشتر ، وتقدم الأِشتر ومن معه فانتهى إلى معاوية ، فوافقه ، ولحق به معلي ، فتواقفوا طويلا .
ثم إن عليا طلب لعسكره موضعاً ينزل فيه ، فكان معاوية قد سبق فنزل منزلاً اختاره بسيطاً واسعاً أفيح ، أخذ شريعة الفرات ، وليس في ذلك الموضع شريعة غيرها ، وجعل معاوية على الشريعة أبا الأعور .
فأتى الناس عليا ، فأخبروه بفعلهم ، وتعطش الناس ، فدعا صعصعة بن صوحان ، فأرسله إلى معاوية يقول : " إنا سرنا مسيرنا هذا ونحن نكره قتالكم قبل الإعذار إليكم ، فقدمت إلينا خيلك ورجالك فقاتلنا قبل أن نقاتلك ، وبدأتنا بالقتال ونحن ما رأينا الكف حتى ندعوك ونحتج عليك ، وهذه أخرى قد فعلتموها ، منعتم الناس من الماء ، والناس غير منتهين أو يشربوا ، فابعث إلى أصحابك فليخلوا بين الناس وبين الماء ، وليكفوا لننظر فيما بيننا وبينكم وفيما قدمنا له ، فإن أردت أن نترك ما جئنا له ونقتتل على الماء حتى يكون الغالب هو الشارب فعلنا " .
فجاء صعصعة إلى معاوية وقص عليه الرسالة ، فاستشار معاوية أصحابه وقال : ما ترون ؟ فقال الوليد بن

الصفحة 63