كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 65 """"""
فأرسل معاوية عمرو بن العاص في جند كثير ، فأخذ يمد أبا الأعور ويزيد بن أسد . . وأرسل علي الأشتر في جمع عظيم وجعل يمد الأشعث وشبثا . .
فاشتد القتال حتى خلوا بينهم وبين الماء ، وصار في أيدي أصحاب علي ، فقالوا : والله لا نسقيه أهل الشام ، فأرسل علي إلى أصحابه أن خذوا من الماء حاجتكم ، وخلوا عنهم ، فإن الله تعالى نصركم عليهم ببغيهم وظلمهم .
ومكث علي رضي الله عنه يومين لا يرسل إليهم أحدا ولا يأتيه منهم أحد .
ذكر إرسال علي إلى معاوية وجوابه
قال : ثم دعا علي رضي الله عنه أبا عمرة بشير بن عمرو بن محصن الأنصاري وسعيد بن قيس الهمذاني وشبث بن ربعي التميمي ، فقال لهم : ائتوا هذا الرجل وادعوه إلى الله تعالى وإلى الطاعة والجماعة .
فقال له شبث يا أمير المؤمنين ألا نطمعه في سلطانٍ توليه إياه ومنزلةٍ يكون له بها عندك أثرةً إن هو بايعك ؟ قال انطلقوا إليه واحتجوا عليه وانظروا ما رأيه . وكان ذلك أول ذي الحجة من سنة ست وثلاثين . فأتوه فدخلوا عليه ، فابتدأ بشير بن عمرو الأنصاري فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " يا معاوية إن الدنيا عنك زائلة ، وإنك راجع إلى الآخرة ، وإن الله محاسبك بعملك ومجازيك عليه ، وإني أنشدك الله أن لا تفرق جماعة هذه الأمة وأن لا تسفك دماءها بينها " .
فقطع عليه معاوية الكلام وقال : هلا أوصيت بذلك صاحبك ؟ فقال : " صاحبي ليس مثلك ، إن صاحبي أحق البرية كلها بهذا الأمر في الفضل والدين والسابقة في الإسلام والقرابة بالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) " قال : فماذا تقول ؟ قال نأمرك بتقوى الله وإجابة ابن عمك إلى ما يدعو إليه من الحق فإنه أسلم لك في دنياك وخيرٌ لك في عاقبة أمرك .
قال معاوية : " ونترك دم عثمان لا والله لا أفعل ذلك أبدا "

الصفحة 65