كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 66 """"""
قال : فذهب سعيد بن قيس يتكلم ، فبادره شبث بن ربعي ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " يا معاوية ، قد فهمت ما رددت على ابن محصن ، وإنه والله لا يخفى علينا ما تطلب ، إنك لم تجد شيئاً تستغوي به الناس ، وتستميل به أهواءهم ، وتستخلص به طاعتهم ، إلا قولك : قتل إمامكم مظلوماً فنحن نطلب بدمه ، فاستجاب لك سفهاء طغام ، وقد علمنا أنك أبطأت عليه بالنصر ، وأحببت له القتل ، لهذه المنزلة التي أصبحت تطلب ، ورب متمني أمر وطالبه يحول الله دونه ، وربما أوتي المتمني أمنيته وفوق أمنيته ، ووالله مالك في واحدة منها خير ، والله إن أخطأك ما ترجو إنك لشر العرب حالاً ، وإن أصبت ما تتمناه لا تصيبه حتى تستحق من ربك صلي النار ، فاتق الله يا معاوية ، ودع ما أنت عليه ، ولا تنازع الأمر أهله " .
قال : محمد الله معاوية ، ثم قال : " أما بعد ، فإن أول ما عرفت به سفهك وخفة حلمك أ ، ك قطعت على هذا الحسيب الشريف سيد قوم منطقه ، ثم اعترضت بعد فيما لا علم لك به ، فقد كذبت ولؤمت أيها الأعرابي الجلف الجافي في كل ما ذكرت ووصفت . انصرفوا من عندي فليس بيني وبينكم إلا السيف " وغضب ، وخرج القوم ، فقال له شبث " أتهول بالسيف ؟ أقسم بالله لنعجلنها إليك " .
فأتوا علياً رضي الله عنه فأخبروه بذلك . فكان علي يأمر الرجل ذا الشرف فيخرج ومعه جماعة من أصحابه ، ويخرج إليه آخر من أصحاب معاوية ومعه جماعة ، فيقتتلان في خيلهما ، ثم ينصرفان . وكرهوا أن يلقوا جمع أهل العراق بجمع أهل الشام خشية الاستئصال والهلاك .
فكان علي يخرج مرةً الأشتر ، ومرة حجر بن عدي الكندي ، ومرة شبث بن ربعي ، ومرة خالد بن المعمر ، ومرة زياد بن النضر الحارثي ، ومرة زياد بن خصفة

الصفحة 66