كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 68 """"""
فقال شبث وزياد بن خفصة جواباً واحداً : أتيناك فيما يصلحنا وإياك ، فأقبلت تضرب لنا الأمثال ، دع ما لا ينفع ، وأجبنا فيما يعم نفعه . وقال يزيد بن قيس : إنا لم نأت إلا لنبلغك ما أرسلنا به إليك ونؤدي عنك ما سمعنا منك ، ولم ندع أن ننصح لك ، وأن نذكر ما تكون به الحجة عليك ، ويرجع إلى الألفة والجماعة ، إن صاحبنا من قد عرف المسلمون فضيله ، ولا يخفى عليك ، فاتق الله يا معاوية ولا تخالفه ، فإنا والله ما رأينا في الناس رجلاً قط أعمل بالتقوى ولا أزهد في الدنيا ولا أجمع لخصال الخير كلها منه " .
فحمد الله معاوية ، ثم قال : أما بعد ، فإنكم دعوتم إلى الطاعة والجماعة ، فأما الجماعة التي دعوتم إليها فنعما هي ، وأما الطاعة لصاحبكم فإنا لا نراها ، لأن صاحبكم قتل خليفتنا ، وفرق جماعتنا ، وآوى ثأرنا ، وصاحبكم يزعم أنه لم يقتله ، فنحن لا نرد عليه ذلك ، فليدفع إلينا قتلة صاحبنا لنقتلهم ونحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة .
فقال شبث بن ربعي : يا معاوية أيسرك أن تقتل عماراً ؟ قال " وما يمنعني من ذلك ؟ والله لو تمكنت من ابن سمية لقتلته بمولى عثمان " فقال شبث : " والذي لا إله غيره لا تصل إلى ذلك حتى تندر الهام عن الكواهل وتضيق الأرض الفضاء عليك " فقال معاوية : " لو كان كذلك لكانت عليك أضيق " . وتفرق القوم .
وبعث معاوية إلى زياد بن خفصة ، فخلا به ، وقال له : " يا أخا ربيعة ، إن علياً قطع أرحامنا ، وقتل إمامنا ، وآوى قتلة صاحبنا ، وإني أسألك النصر عليه بعشيرتك ، ثم لك عهد الله وميثاقه أن أوليك إذا ظهرت أي المصرين أحببت " . فقال زياد : " أما بعد ، فإني على بينة من ربي ، وربما أنعم الله علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " وقام فقال معاوية لعمرو بن العاص : ليس نكلم رجلاً منهم فيجيب إلى خير ، ما قلوبهم إلا كقلب واحد .
وبعث معاوية إلى علي حبيب بن مسلمة الفهري وشرحبيل بن السمط

الصفحة 68